تأسيس قرى جديدة في وادي مزاب :
تأسست في هذا العهد جل المدن المزابية الحالية و من أشهر المدن المؤسسة في هذا العهد :
أَغَرْمْ أَنْو َادّايْ (القرية السفلى)، تَاجْنِينْتْ ( العطف) ، قرية بوكْيَاوْ ، آتْ بُونُور (بونورة) ، تَغَرْدَايْتْ (غرداية) ، مُورْكِي ، آت يَزْجَنْ (بني يزقن) ، أَتَمْلِيشَتْ( مليكة) ، بابا السّعد (في تغردايت) .
و ستجدون تفاصيل أكثر عن هذه المدن في صفحة مدننا .
تأسست في هذا العهد جل المدن المزابية الحالية و من أشهر المدن المؤسسة في هذا العهد :
أَغَرْمْ أَنْو َادّايْ (القرية السفلى)، تَاجْنِينْتْ ( العطف) ، قرية بوكْيَاوْ ، آتْ بُونُور (بونورة) ، تَغَرْدَايْتْ (غرداية) ، مُورْكِي ، آت يَزْجَنْ (بني يزقن) ، أَتَمْلِيشَتْ( مليكة) ، بابا السّعد (في تغردايت) .
و ستجدون تفاصيل أكثر عن هذه المدن في صفحة مدننا .
2- تحول بني مصعب من الإعتزال إلى المذهب الإباضي:
بعد سقوط الدولة الرستمية هاجر بعض رعايا الإباضية و الرستميين من تيهرت إلى وارجلان ( ورقلة حاليًا ) و سدراتة ، و انعقد مؤتمر بمنطقة وادي ريغ سنة 421 هـ ، للنظر في مسائل الرستميين اللاجئين ، فاقتضى المؤتمر على انتداب العلامة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الفرسطائي (1) ليجول في صحراء المغرب الأوسط عله يجد ما عسى أن يمكن التفسح فيه لأولئك اللاجئين و غيرهم من الإباضية بأريغ .
خرج العلامة برفقة ابنه و غلامه فساحوا بنواحي الجنوب فوقع اختيارهم على مْزاب ، إلا أنه كان معمورا بكثير من المعتزلة ، فأرجع الرأي و المشورة إلى مؤتمر ريغ ، فانعقد ثانيا ، و اتُّفق فيه على النزوح إلى هذا الوطن و تعميره بما يُصلح سكانه المعتزلة المزابيين من العلم و الألفة و حسن الجوار.
فرجع الإمام المصلح هو و ابنه و غلامه لأول مرة و في عام 422 هـ وصل بلدة تجنينت ، وهي الوسط المعمور أكثر من غيره بالمعتزلة ، وبدأ في دعوته إلى المذهب الإباضي .
و لم تكن استجابة بني مصعب للشيخ أبي عبد الله محمد بن أبي بكر لاعتناق المذهب الإباضي بالأمر السهل ، إذ قتلوا ابنه ابراهيم ، كما أن هذه الإستجابة لم تكن جماعية و فورية ، فقد ظل عدد كبير منهم على اعتزاله زمنا .
و بعد أن استجاب جل المصعبيين إلى مذهب أهل الدعوة و الإستقامة ، بدأت هجرة بعض العائلات من شعب تيهرت ( عائلات أمازيغية ) و بعض ما تبقى من أفراد العائلة الحاكمة الرستمية إلى مْزاب .
3- الإعتماد على الفلاحة :
لعل من أبرز سمات هذا العهد ، أن بني مصعب صاروا يفكرون عمليا في تغيير حياتهم من النسق البدوي إلى النسق الحضري المتطور ، فجعلوا يتجمعون في مدن أو قرى كبيرة و يحفرون آبارا لإقامة زراعة مستمرة تعتمد على الريّ الدائم ، و استطاع المصعبيون أن ينشئوا واحاتهم على وادي مزاب و على روافده ، واستعانوا على قسوة الطبيعة بعقيدتهم المتينة ، و سلوكهم المستقيم ، وصبرهم ، وكدهم المستمر ، و تقديس العمل اليدوي .
كانت الفلاحة عند المصعبيين في العهد الثاني من تاريخهم المصدر الإقتصادي الأساسي ، لكن و إلى جانب الفلاحة ، كان هناك من يقوم بصناعات خاصة مثل صناعة الجبس بتَجْنينْت ، و صناعة الخزف و الجبس التي كانت من نصيب أولاد فخار في أَغَرْمْ أَنْوَادَّايْ بآت مْليشْتْ .
4- حَلَقة العَـزَّابـَة:
لقد كان هنالك تناقض واضح بين المذهب الإباضي و الشيعة الذين حكموا المغرب الأوسط بعد الرستميين و منهم المصعبيين , إذ أن الفاطميين في ذلك الوقت كانوا ضالين لا محالة ، و من أدلة ذلك ما قاله الشاعر ابن هاني في مدح المعز لدين الله الفاطمي ( وهو من أمراء الفاطميين الشيعة ) :
ما شِئت لا ماشاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
و كأنما أنت النبي محمــــد و كأنما أنصارك الأنصــــــــار
و لم يعترض الملك على هذه الأبيات .
و في ضوء هذا ، أدرك الإباضية المصعبيون أن الإمامة الإسلامية القائمة على التقوى و الشورى ، لايمكن تحقيقها في ظل دولة شيعية تجعل الحاكم معصوما مرفوعا إلى درجة الألوهية ، لذلك فكر الإباضية في نظام العزابة الداخلي ( إمامة الكتمان ) للحفاظ على كيانهم و مذهبهم و النظام الإسلامي العادل .
من أهم الهيئات المزابية الإباضية التي تأسست في هذا العهد حَـلَـقَة العَـزَّابة ، و المكونون لهذه الهيئة يعرفون في أوساط المزابيين حاليًا باسم: إِعَــزَّابَـــنْ.
كانت السلطة في المجتمع المصعبي أول الأمر بأيدي رؤساء العشائر ، ثم تحول مركز السلطة في القرية إلى الهيئة الدينية ، ثم تنقلت إلى حلقة العزابة التي رتبها الشيخ أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي .
و لم تكن لهذه الحلقة في بادئ الأمر أي سلطة على المجتمع ، ولم يكن هدف الشيخ إخضاع المجتمع الإباضي المصعبي لحلقته .
فقد نظمها هو و تلميذاه : أبو الربيع سليمان بن يخلف ، و أبو الخطاب عبد السلام منصور بن وزجون ، و لم تكن إلا هيئة تربوية تعليمية ، بعيدة عن السلطة و السياسة ، هدفها الوحيد نشر الإسلام و الدعوة إلى اعتناق المذهب الإباضي ، و تطبيق مبادئه ميدانيا ، ولم يكن لها مقر دائم ، ولم تكن تعقد حلقات التدريس في مساجد القرى ، بل كانت تعقدها سرا بعيدا عن العمران . و لكن هذا النظام لم يبق على ماسطره الإمام أبو عبد الله و تلاميذه و إنما تطور مع الزمن ، فكانت تضاف إليه من حين لآخر صلاحيات جديدة ، وقد بقيت هذه الحلقات تعقد سرا ، و لم يستعمل المسجد لهذا الغرض إلا في النصف الأول من القرن السادس هـ. و بعد مرور زمن تصدرت حلقة العزابة أمرها بمفهومها الشائع عند المزابيين كسلطة عليا مطلقة قائمة مقام الإمامة ، وتتكون من اثني عشر رجلا .
شروط الإلتحاق بحَلَقَة العَزَّابَة : لكي يلتحق أحد بالحَلَقة يجب أن تتوفر فيه مجموعة شروط هي:
- أن يكون بالغا مسلمًا ، ذا أخلاق فاضلة و علم بالدين و الفقه.
- أن يكون حافظا لكتاب الله تعالى .
- أن يكون متزوجا ، لأن الزواج يحصن النفس.
- أن يكون صاحب عمل أو حرفة ، فأعضاء العزابة لا يتقاضون أي أجر ، إنما عملهم خالص لوجه الله , وكلهم يعتمدون في قوتهم على كد يمينهم.
و عدد أعضاء العزابة 12 رجلا من غير الشيخ الذي يتولى رئاسة المسجد و هم: الإمام و المؤذن ، و ثلاثة لتحفيظ القرآن للصبيان في المحاضر ، وخمسة لغسل الموتى ، ووكيلان على مال المسجد .
و للتعرف أكثر على حلقة العزّابة اذهب إلى صفحة : أنظمتنا.
5- تعرض بني مزاب للغزاة :
كانت قوافل المزابيين التجارية تتعرض للغزاة و قطاع الطرق بشكل دائم ، و كان بنو مْزاب يتعرضون للغزاة حتى في مدنهم ، لذلك أنشؤوا الأسوار حولها ، و يأتي السؤال هنا : من هم هؤلاء الغزاة , و لماذا اختاروا مْزاب ؟
قطاع الطرق و اللصوص هؤلاء ، هم البدو الرحل من أعراب بني هلال و غيرهم ، كانوا بدون مستقر ، يعيشون على النهب و السلب و السرقة ، و قد وجدوا في مْزاب أحسن مكان لعملهم ذاك ، حتى أصبح المزابيون يحتاطون بالأسلحة عندما يخرجون في قوافلهم .
و قد حلل الشيخ علي يحيى معمر احتراف الأعراب لحرفة النهب و السلب و الغصب ، على أنها عادة متوارثة عن أجدادهم الذين كانوا يعيشون على نفس الطريقة اللاإنسانية .
كانت قوافل المزابيين التجارية تتعرض للغزاة و قطاع الطرق بشكل دائم ، و كان بنو مْزاب يتعرضون للغزاة حتى في مدنهم ، لذلك أنشؤوا الأسوار حولها ، و يأتي السؤال هنا : من هم هؤلاء الغزاة , و لماذا اختاروا مْزاب ؟
قطاع الطرق و اللصوص هؤلاء ، هم البدو الرحل من أعراب بني هلال و غيرهم ، كانوا بدون مستقر ، يعيشون على النهب و السلب و السرقة ، و قد وجدوا في مْزاب أحسن مكان لعملهم ذاك ، حتى أصبح المزابيون يحتاطون بالأسلحة عندما يخرجون في قوافلهم .
و قد حلل الشيخ علي يحيى معمر احتراف الأعراب لحرفة النهب و السلب و الغصب ، على أنها عادة متوارثة عن أجدادهم الذين كانوا يعيشون على نفس الطريقة اللاإنسانية .
الهوامش:
(1) أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي: كان أبوه وجده من علماء نفوسة . درس على مشائخ الجبل ثم سافر إلى جربة فأخذ العلم عن بعض علمائها , ثم انتقل إلى القيروان ,و كانت حينئذ عامرة بعلماء الإباضية , ثم عاد إلى نفوسة و بنى مسجده هناك بفرسطاء , ولما انتقل إلى ريغ كُلف بمهمة نشر المذهب الإباضي بوادي مْزاب , فأنجز مهمته و أسس النواة الأولى لنظام الحلقة .
توفي عام: 440 هـ في تينسلي و هو كفيف البصر .
(1) أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي: كان أبوه وجده من علماء نفوسة . درس على مشائخ الجبل ثم سافر إلى جربة فأخذ العلم عن بعض علمائها , ثم انتقل إلى القيروان ,و كانت حينئذ عامرة بعلماء الإباضية , ثم عاد إلى نفوسة و بنى مسجده هناك بفرسطاء , ولما انتقل إلى ريغ كُلف بمهمة نشر المذهب الإباضي بوادي مْزاب , فأنجز مهمته و أسس النواة الأولى لنظام الحلقة .
توفي عام: 440 هـ في تينسلي و هو كفيف البصر .