منتديات ثانوية الشيخ عامر بريان

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل في المنتدى إذا رغبت بالمشاركة ولنا الشرف في تسجيلك
http://up.re7an.net/uploads/images/re7an-cc9ba89b75.jpg

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات ثانوية الشيخ عامر بريان

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل في المنتدى إذا رغبت بالمشاركة ولنا الشرف في تسجيلك
http://up.re7an.net/uploads/images/re7an-cc9ba89b75.jpg

منتديات ثانوية الشيخ عامر بريان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات ثانوية الشيخ عامر بريان
أهلا وسهلا بالأعضاء الجدد
سلام على من دام في القلب ذكراهم و إن غابوا عن العين قلنا يا رب إحفظهم وأرعاهم ...
 إدارة المنتدى تتمنى لكم أوقات ممتعة مع كافة المواضيع والمساهمات المقدمة ، كما تتمنى أن لاتضيعوا أوقات الصلاة والدراسة ... وشكرا
يسرنا إدارة منتديات ثانوية الشيخ عامر أن نقدم لكم العنوان الجديد للمنتديات بالإضافة إلى العنوان الحالي و هو www.chikhameur.tk

    أبو العباس أحمد الدرجيني

    Admin
    Admin
    مسؤول المنتدى
    مسؤول المنتدى


    عدد المساهمات : 277
    تاريخ التسجيل : 12/10/2009
    العمر : 31
    الموقع : ليدو - الجزائر العاصمة حاليا

    أبو العباس أحمد الدرجيني Empty أبو العباس أحمد الدرجيني

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة أبريل 30, 2010 3:15 pm




    (العلامة أبو العباس
    أحمد بن
    سعيد الدرجيني)



    1-
    مقـــــدمة:





    أيها المسلم إن أمتنا الإسلامية الحالية، تعيش اليوم تحت ظروف قاسية بسبب
    الأزمة
    الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، وهي نتيجة للفساد الخلقي، والابتعاد عن
    تاريخنا
    الإسلامي الأصيل بحيث أصبحت تعيش ازدواجية خطيرة بين الاغتراب ورسالة
    الإسلام التي
    جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم فهذه الرسالة الإسلامية الخالدة قد غيّرت
    المجتمع
    العربي الجاهلي إلى مجتمع متحضر عالمي، إذ يقول الله عز وجل:






    (
    تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُوَنَ
    لِلْعَالَمِينَ
    نَذِيراً) - الفرقان:1-





    وعلى ضوء هذا فإن المؤرخ الكبير الشيخ أبا العباس الدرجيني يرى أن التاريخ
    له فائدة
    عظيمة في تربية الأمم إذ يقول: "إن العلم دليل يقتدى به إلى طريق الرشد هاد
    يهتدى
    به، وينبغي لمن نزع إلى هذا النزع- الطريق- وطلب هذا العمل الأرفع أن يتعرف
    مناقب
    السلف- محاسن الأجداد والأخبار- ويحصل سيرهم الصالحة ليقتدي بحميد تلك
    الآثار، فإن
    ذلك مما يقوي الرغبة في الاشتياق".





    أما بالنسبة إلى دراسة التاريخ، فالهدف منه هو أخذ العبر المبصرة حتى لا
    نرتكب
    الأخطاء التي وقعت في الماضي، فالتاريخ يعد مدرسة تجريبية في مجال التربية
    الإنسانية تربية واقعية، وهو أداة الحاضر والمستقبل، وبه نعرف طبيعة
    المجتمعات
    البشرية من حيث رقيها وانحطاطها.





    إن التاريخ يعد جزءا لا يتجزأ من شخصيتنا الإسلامية بحيث أن أي درس في
    التاريخ هو
    في الواقع درس في التربية، وبالتالي فإن أبا العباس الدرجيني قد انطلق من
    الرؤية
    الإسلامية الخالصة لمعالجة التاريخ البشري وتعليله.





    إن المؤرخ الناقد، حينما يتأمل الحضارات الإنسانية قديماً وحديثاً،
    كالفرعونية
    والرومانية والإسلامية والشيوعية، يدرك أنها انهارت بسبب انحراف أهلها عن
    القيم
    الأخلاقية الفاضلة، فانغمسوا في الأخلاق الرذيلة، كالظلم والاستبداد، وأكل
    حقوق
    الناس والإسراف في المال والملذات، فهذا هو الترف والفسق، ألم يقل الله عز
    وجل:





    ( وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا
    فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا
    تَدْمِيرَاً)
    الإسراء:16-





    إن هذه المقدمة تعد ضرورية حتى نجعل شخصية الشيخ أبي العباس الدرجيني رحمه
    الله في
    إطارها التاريخي.







    2-
    الشيخ أبو العباس
    الدرجيني: نسبة عائلته، مولده، بيئته:





    هو أبو العباس أحمد بن سعيد بن علي بن يخلف الدرجيني، أصله من أسرة إباضية
    كانت
    تسكن مدينة تيمجار بجبل نفوسة بليبيا وكانت هناك علاقة أسرية قوية قائمة
    بين جبل
    نفوسة وجربة والجريد ووارجلان ووادي ميزاب بحيث نجد عدة عائلات تحمل نفس
    اللقب
    كعائلة بكوش، ورمضان وآل الحاج مسعود وباشا، هذه الألقاب توجد في المناطق
    التي
    ذكرناها سابقا.





    أما جده الأعلى الحاج يخلف بن يخلف فقد هاجر إلى بلاد الجريد فأما والده
    سعيد بن
    علي فقد هاجر إلى بلدة درجين السفلى وفيها ولد شيخنا أبو العباس وإليها
    ينسب،
    فمولده يكون حوالي 600هـ أما وفاته فكانت 670هـ.





    والجدير بالذكر أن عائلته الشريفة قد قامت بدور عظيم في نشر الإسلام بغرب
    أفريقيا
    اعتمادا على قول الرسول الكريم إذ قال لعلي كرّم الله وجهه: "فوالله لأن
    يهدي الله
    بك رجلاً واحدا خير لك من حمر النعم" – متفق عليه- ، حمر النعم: هي الإبل
    الحمر،
    وهي أشرف وأغلى أموال العرب.





    وعلى أية حال فإن جده وهو علي بن يخلف تمكن من نشر الإسلام في غرب أفريقيا
    بحيث أن
    ملك مالي قد دخل هو وأمته في الإسلام بفضل هذا العالم الجليل وذلك سنة
    575هـ حيث
    كان يزاول التجارة بين السودان والجريد.





    يقول الشيخ الدرجيني فيما يلي: (وحدث جماعة من أصحابنا أن علي بن يخلف سافر
    إلى
    غانا سنة خمس وسبعين وخمسمائة 575هـ فانتهى إلى مدينة مالي فأكرمه ملكها
    غاية
    الإكرام، وكان هذا الملك مشركاً، فقال له علمني مما علمك الله من فرائض
    الإسلام حتى
    أتبعك عليه وتستقي لنا فعلمه كيف يقر بالشهادتين فعلمهما).





    أما بالنسبة إلى الشيخ الشماخي رحمه الله فيقول: (إن اعتناق ملك غانا وشعبه
    للإسلام
    يعود إلى علي بن يخلف الإباضي الذي عاش في القرن الخامس الهجري 5هـ حينما
    دعا الله
    أن يغيث هذا الوطن بمطر بعد جفاف دام عدة سنوات فاستجاب الله دعاءه ولما
    رأى هذا
    الملك هذه المعجزة دعا قومه للدخول في الإسلام.





    إن هذه القصة يجب أن تكون عبرة مبصرة لكل مسلم مؤمن برسالة الإسلام، إن علي
    بن يخلف
    قد خدم الإسلام خدمة عظيمة جدا بسيرته المثالية حتى بلغ بمفرده ما عجزت عنه
    الجيوش
    الفاتحة الجرارة لمحاربة الشرك والوثنية لأن علي بن يخلف لم يكن تاجراً
    فحسب، بل
    كان داعياً إلى الله أيضاً.





    وعلى أية حال: فإن الإباضية كان لهم دور فعال في نشر الإسلام في إفريقيا
    الغربية،
    فالمصادر الإباضية وغير الإباضية تشير إلى هذه الحقيقة التاريخية المرتبطة
    بالتجارة
    إذ بينت هذه الدراسات أن الإباضية لم يكونوا تجارا فحسب بل كانوا حاملي
    لواء
    الإسلام في هذه المنطقة الجديدة التي كانت تسود فيها الوثنية.





    يقول جودت يوسف عبد الكريم في كتابه العلاقات الخارجية للدولة الرستمية: "
    ولما كان
    هؤلاء التجار من العرب والبربر المسلمين، فقد حملوا معهم الثقافة
    الإسلامية، فكانوا
    مبشرين لتلك الثقافة الإسلامية في بلاد السودان كأبي نوح الصغير وأبي نوح
    سعيد بن
    يخلف وأبي القاسم يونس الفرسطائي وأبي موسى هارون بن أبي عمران وأبي موسى
    الوسياني.





    ويعود أغلب هؤلاء إلى القرن الرابع الهجري لكنهم كانوا حلقات من سلسلة
    التجار الذين
    أغفل المؤرخون ذكرهم، حتى إنهم لم يشيروا إلى تاجر واحد في تاهرت.





    بعد هذه اللمحة الخاطفة عن دور عائلة الدرجيني التي نشرت الدعوة الإسلامية
    في ربوع
    غرب إفريقيا يحسن بنا أن نشير إلى حياة أبي العباس أحمد الدرجيني من حيث
    مولده
    وبيئته.





    إن الشيخ أبا العباس أحمد بن سعيد الدرجيني ينتمي إلى أسرة عريقة في العلم
    ونشر
    الدعوة الإسلامية الصحيحة كما رأينا- وعلى أية حال فإن تاريخ ولادته يكون
    حوالي سنة
    600هـ لأنه رحل إلى وارجلان سنة 616هـ وهو في سنته الأولى من الصوم إذ
    يقول: "وذلك
    إني دخلت وارجلان حرسها الله تعالى سنة ستة عشر وستمائة 616هـ في ربيع
    الثاني منها
    في أول ما وجب علي الصوم والبال خالٍ من الهم وكنت أعجب بمن ينفرد فلا
    يجتهد".





    وفي هذا المنظور التاريخي، يمكننا أن نسلط الأضواء الكاشفة على الحياة
    العامة
    السائدة في ذلك العصر الذي نشأ فيه أبو العباس أحمد الدرجيني حيث تميز
    بالفتن
    والإضطربات في العالم الإسلامي، لاسيما المغرب العربي والأندلس إذ ظهرت
    فيها مماليك
    صغيرة متناحرة فيما بينها، مع الإشارة إلى أن دولة المرابطين في المغرب
    العرب بدأ
    الضعف ينخر أسسها، وذلك بظهور المهدي بن تومرت الذي بدأ ثورته على
    المرابطين سنة
    516هـ فاعتقد بأنه المهدي المنتظر الذي جاء بعناية إلهية اختارته ليخلص
    العالم
    الإسلامي من انقساماته الدينية والسياسية، وبعد وفاته عين عبد المؤمن بن
    علي خليفة
    له وهو يعد من أكبر عظماء التاريخ إذ تمكن من توحيد المغرب العربي الكبير.





    أما بالنسبة إلى منطقة الجريد وأريغ ووارجلان فلم تكن خاضعة لدولة معينة
    نظراً إلى
    بعدها الجغرافي من السلطة المركزية في تلك الفترة، بل كانت تسير نفسها
    بنفسها من
    خلال مجلس العزابة الذي قنن قواعده الإمام الكبير: أبو عبد الله محمد بن
    بكر
    المتوفي في القرن الرابع الهجري سنة 440هـ.





    إن هذا المجلس يهتم بدراسة الشؤون الاجتماعية تعالج فيه المشاكل الدينية
    والاقتصادية والثقافية.





    وعلى أية حال فإن المنطقة الشرقية الجنوبية في المغرب العربي قد سكنها
    الإباضية
    وعاصمتهم وارجلان التي تعد المركز الروحي والعلمي والديني والاجتماعي
    للمجتمع
    الإباضي بعد انقراض الدولة الرستمية على يد العبيديين سنة 292هـ.





    يقول الشيخ علي يحيى معمر رحمه الله عن مدينة وارجلان ما يلي: " يمتد هذا
    العهد
    الثاني قرابة قرنين من الزمان من النصف الثاني للقرن الخامس إلى منتصف
    القرن السابع
    تقريبا ويمتاز هذا العهد من تاريخ وارجلان بالحالة المضطربة فيما جاورها
    وبكثرة
    الفتن والغارات والحروب.





    كان هذا العهد من تاريخها يمتاز بمزايا أخرى بعيدة كل البعد عن تلك المعاني
    مباينة
    كل المباينة لذلك الاتجاه، وذلك أن وارجلان في كامل ذلك العهد كانت أهم
    مركز علمي
    للإباضية وأحصن ملجأ يلجأ إليه العلماء والطلاب والزهاد وقد تداول فيه
    الرئاسة
    العلمية والدينية عدد من أعلام الإسلام نذكر منهم أبا صالح الياجراني في
    أول العهد
    وفيلسوف الإسلام أبا يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني- وبين العالمين
    العظيمين وفي
    عصريهما حلقات مترابطة من فطاحل العلماء وأعدادا لا نستطيع حصرها من طلاب
    العلم في
    المدن والقرى وحتى في الأحياء البادية".





    وهكذا فإن الحياة الثقافية في وارجلان، قد عرفت في تلك الحقبة الزمنية
    ازدهارا
    فكرياً شاملاً، وهذه الحالة تشبه إلى حد كبير ما يعرف اليوم بتأليف وتحرير
    الموسوعات العلمية.





    وحسبنا دليلاً على ذلك كتاب العزابة الذي ألفه ثمانية شيوخ، حيث يعالج أهم
    وأدق
    القضايا الكلامية والدينية والاجتماعية وهو يشمل على خمسة وعشرين جزءا، كما
    أشار
    إلى ذاك الدرجيني في كتابه طبقات المشائخ، هذه هي الحياة الثقافية السائدة
    في
    وارجلان، ومن هنا يحسن بنا أن نشير إلى شيوخ الدرجيني.





    3-
    شيوخ الدرجيني
    ونبوغه العلمي:





    على ضوء هذه الثقافة المفعمة بالعلوم الشرعية والعقلية في وارجلان فإن
    شيخنا أبا
    العباس احمد بن سعيد الدرجيني قصد هذه المدينة المباركة لينهل من منبعها
    العذب
    الصافي حيث أخذ العلم عن شيوخها الكبار.





    وكان الدرجيني رحمه الله، طالبا ذكيا جادا في تحصيل العلم النافع، فقد وهبه
    الله
    ذاكرة قوية وذكاءً حاداً، إن هذه العوامل النفسية الذاتية والعوامل
    الموضوعية
    السائدة في وارجلان قد ساعدته على التعلم السريع، لقد لاحظ الدرجيني أن
    هناك بعض
    الطلبة قليلو الاستيعاب والذكاء والإدراك، إذ يقول:





    " وكنت أعجب ممن ينفرد ولا يجتهد ومن يخلو بالمفيد فكيف لا يستفيد، وكنت
    أزدري أي
    أحتقر بأكثر من أولئك وذلك لحدث سني وأنا الآن أستغفر الله".





    وعلى أية حال فإن الشيخ الدرجيني كان من الطلبة البارزين في تحصيل العلم،
    وقد نصحه
    أبوه أن يشمّر عن ساعديه في طلب العلم وأن يلتزم بآداب الإسلام محترما
    شيوخه لاسيما
    أستاذه الأول أبو سهل بن إبراهيم، ولا بأس أن نورد بعض الأبيات الشعرية من
    القصيدة
    التي بعثها إليه أبوه الكريم، طالبا منه الورع والعمل الصالح والجد في طلب
    العلم،
    إذ قال:







    فحاسب أبا العباس نفسك جاهدا








    وناقش ولا تنس الصغيرة والكبرى







    فـكن طالبا جـزلا، أديبا مهذبا








    ولا تخش حسادا وإن نظروا شزرا







    فإن تك تلميـذا نبيهـا وحاذقا








    فشيخك بحـر العلم أعظم به بحرا







    فما عـذر من أستاذه فذ عصره








    أبو سهل البحر الذي قد علا فخرا







    حوى العلم والدين القويم وراثة









    فأصبح في ذا العصر أطـيبهم ذكرا







    به وارجلان تزهو جمالا وبهجـة








    به أشرقت نورا بـه ابتسمت فخرا





    وهكذا فإن الدرجيني قد بقي في مدينة وارجلان مدة سنتين،أخذ أثرها العلم عن
    شيوخها
    وبعد هذا رجع إلى مدينة توزر بالجريد فاستقر فيها بعض الوقت منكبا على
    دراسة
    التاريخ.





    وبعد عام توجه إلى جزيرة جربة فأخذ العلم عن جل شيوخها فكان مثالا للعمل
    الجاد
    والذكاء الحاد، والدفاع عن الحق مما أكسبه احترام وتقدير رجال العزابة،
    الذين طلبوا
    منه أن يكتب تاريخ علماء الإباضية المغاربة، فلبى الدعوة بعد تفكير فأخرج
    لنا كتابه
    القيم- طبقات المشائخ الذي يعد الدعامة الأولى في تاريخ المغرب العربي بحيث
    لا يمكن
    لأي طالب أو أستاذ الاستغناء عنه يقول محمد محفوظ صاحب معجم تراجم المؤلفين

    التونسيين ما يلي : "والدارس للتاريخ الإسلامي في المغرب لا يمكنه استقاء
    معلوماته
    دون الإطلاع على هذا الكتاب".





    4-
    الدرجيني من خلال
    كتابه طبقات المشائخ بالمغرب:





    إن كتاب الطبقات قد أسدى خدمة كبيرة في التعريف بشأن المغرب العربي ورجاله
    الذين
    قاموا بدور حيوي في نشر الإسلام، ولولا هذا الكتاب القيم لما عرفنا الحقبة
    التاريخية الممتدة من القرن الثاني الهجري إلى القرن السابع الهجري وله
    الفضل
    الكبير في إثراء المكتبة الإسلامية والعربية.





    يقول الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي رحمه الله في تقييم هذا الكتاب
    "وبالجملة فكتاب
    الطبقان يعطينا صورة إجمالية عن رجال الإباضية إلى حدود القرن السابع
    الهجري
    والدارس للتاريخ الإسلامي في الغرب الإسلامي لا يمكن أن يستوفي معلوماته
    دون
    الإطلاع على هذا الكتاب القيم فتتبعه أيها القارئ الكريم بتدبر وإمعان تجد
    فيه
    الخير اليقين".





    فالقارئ الكريم حينما يتصفح هذا الكتاب النفيس يجده ينقسم إلى قسمين: قسم
    في السيرة
    التي يقصد بها تفصيل وتوضيح سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام- أما القسم
    الثاني من
    الكتاب فهو يشتمل على دراسة الأحداث التاريخية الاجتماعية المرتبطة بالزمان

    والمكان، وهو يلقي الأضواء على التفاعل الاجتماعي بين أفراد ذلك المجتمع.





    ثم إن الشيخ الدرجيني رحمه الله لم يكن ناقلا وحاكيا لأخبار دون نقدها
    وفحصها، بل
    كان يبين وجهة نظره معتمدا في ذلك على التعليل المنطقي والاجتماعي والعلمي
    وإلا كان
    أشبه بالإنسان العادي الذي تنقصه الروح العلمية وعلى ضوء هذا، يمكننا أن
    نقدم
    للقارئ نماذج من تأليفه في السيرة والتاريخ ونقده للحادثة التاريخية حتى
    تطمئن نفسه
    ويقدر عمله الجليل الذي لا يزال يجهله بعض أبنائنا المسلمين.





    يقول رحمه الله عن سيرة خروج أبي عبد الله سنويا إلى ميزاب: "بلغنا أن أبا
    عبد الله
    وهو أبو عبد الله بن محمد بن بكر الفرسطائي المؤسس لنظام العزابة- كان يخرج
    للحلقة
    في أوان الربيع، إلى وادي بني مصعب- ميزاب لمآرب، منها أنه كان يطلب بذلك
    راحة
    خاطره وخواطر التلاميذ واستصلاحها وتدبير قوى أجسادهم واستصلاحها فإنه علم
    ما في
    بلاد ريغ من رداءة الهواء وقلة طلب الماء.





    وأيضا فإن بني مصعب كانوا واصلية وكان يبين لهم طرقا يتبعونها ويضرب لهم
    أمثالا
    حسنة يعملونها ذلك أن سائلا منهم سأله، ما تقول في حلال خالطه حرام أيؤكل
    منه؟ قال:
    ما ترى في جحر دخله جربوع ودخلته حية كلاهما بمرأى منك أتدخل فيه يدك طلبا
    للجربوع؟
    قال: لا أفعل مخافة الحية، قال: وكذلك ما ٍسالت عنه، وله معهم أنواع من هذه

    الأجوبة.





    ودونك الآن نصا من التاريخ يقول رحمه الله في حق جابر بن زيد الأزدي رحمه
    الله
    (21-93) منهم الإمام الكبير جابر بم زيد، بحر العلوم وسراج التقوى، أصل
    المذهب
    وأسسه الذي قام عليه نظامه، ومنار الدين صاحب ابن عباس رضي الله عنه.





    وعن إياس بن معاوية قال: لقد رأيت البصرة وما بها مفت غير جابر بن زيد ،
    وعن ابن
    عباس أيضا أنه قال: جابر بن زيد أعلم الناس عجبا لأهل العراق كيف يحتاجون
    إلينا
    وعندهم جابر بن زيد.





    وفي ضوء هذه الحادثة التاريخية نقول أن الشيخ الدرجيني رحمه الله كان يبين
    وجهة
    نظره في المسائل المطروحة في زمانه مثال على ذلك، ما هو حكم الإسلام في أخذ
    الأجرة
    على تعليم القرآن الكريم؟ يقول رحمه الله "قلت وهذا الجواب غير معروف
    بالمذهب،
    والذي أنكر من الإجارة على رعي البقر، فهذه الإجارة لا خلاف في جوازها.





    وكان ينبغي أن يقول بما في هذا المذهب من جواز الأجرة على تعليم الأدب
    والخط،
    وصناعة الكتاب وأدواتها دون أ، يكون للقرآن ثمن، والعذر عنه رحمه الله كره
    أن يقول
    لا تجوز الأجرة فيكون ذلك ذريعة إلى ترك التعليم، فيفضي ذلك بالناس أن
    يكونوا أميين
    لا يعلمون الكتابة، يقول فإذا جاز لراعي البقر الأجرة وهو يأخذها على إصلاح
    الدنيا
    فالذي يأخذها بسبب إصلاح الآخرة أولى".





    وهكذا أيها القارئ الكريم نلاحظ أن الشيخ الدرجيني له باع ثابت في التاريخ
    الإسلامي
    إذ أن كتابه طبقات المشائخ يعد انعكاسا أمينا لحياة المجتمع الإسلامي
    المغاربي لأنه
    عالج الحوادث الاجتماعية السائدة آنذاك وهو لم يهتم بأعمال وحياة الملوك
    والأئمة
    والعظماء فقط بل تعداه إلى دراسة حياة الأمة والطبقات الشعبية.





    ولكن بالرغم من هذه النظرة الشاملة فإن هناك كتابا آخر أكمل ما أخل به كتاب
    الطبقات
    وهذا الكتاب هو: الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات لأبي
    العباس
    الدرجيني وصاحب هذا التأليف هو أبو القاسم بن إبراهيم البرادي الذي عاش في
    النصف
    الثاني من القرن الثامن الهجري.





    فقد ولد في مدينة دمر بجنوب تونس وأخذ العلم عن الشيخ أبي ساكن عامر ابن
    علي
    الشماخي فإن هذين المؤرخين السابقين يعتبران دعامة جوهرية في تاريخنا
    الإسلامي،
    بحيث لا يمكن الاستغناء عنهما في توضيح وبلورة الحقائق التاريخية بروح
    أخلاقية
    إسلامية عالية، لأن التاريخ له فائدة عظيمة في تربية الأمة تربية إسلامية
    سليمة كما
    يقول العلامة ابن خلدون "اعلم أن التاريخ فن عزيز المذهب، جم الفوائد شريف
    الغاية،
    إذ هو يوقفنا على أحوال الماضي من الأمم في أخلاقهم والأنبياء في سيرهم
    والملوك في
    دولهم وسياستهم حتى تتم فائدة الإقتداء في ذلك".





    وإلى هنا يمكننا أن نقول: أن الشيخ أبا العباس أحمد بن سعيد الدرجيني يعد
    مؤرخا
    ومرشدا فيما كتبه إلى أن توفاه الله سنة 670هـ.





    ولعل فيما كتبناه عنه يعد إسهاما حيويا في إثراء مكتبتنا الإسلامية. وأخيرا
    نسأل
    الله أن يلهمنا الرشد وأخذ العبرة المبصرة من تاريخنا الإسلامي الخالد.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 8:10 pm