ولد الشيخ عبد الرحمن بن عمر باكَـلِّي ( المعروف بالشيخ البكري ) يوم الخميس 3 أكتوبر 1901 م ـ 1319 هـ بمدينة تَجْنِـيـنْتْ .
تعلم القرآن و مبادئ العقيدة بمحضرة المسجد العتيق بتجنينت ، كما أخذ مبادئ اللغة الفرنسية في المدرسة الفرنسية بها .
حفظ القرآن و استظهره في مقتبل عمره ، و دخل حلقة إروان (حفظة القرآن) في سنة 1921.
درس العقيدة و الفقه و علوم اللسان على عمه الشيخ الحاج عمر بن حمّو بكلي بمعهده بتجنينت ، و بعد ذلك على الشيخ يوسف بن بكير حمّو علي ، خريج جامع الزيتونة ، ثم انتقل إلى الجزائر العاصمة للإستزادة في العلم ، وأخذ عن الشيخ المولود الزريبي الأزهري شرح لامية الأفعال و شذور الذهب .
و بعد وفاة عمه الشيخ الحاج عمر ، انتقل إلى تونس في أواخر سنة 1922 م ، و التحق بالبعثة العلمية المزابية التي كان يشرف عليها الشيخ أبو اليقظان إبراهيم – رحمه الله- ، و درس في جامع الزيتونة على الشيخ محمد الطاهر بن عاشـور و الشيخ الطيب سيالة ، و الشيخ الزغواني ، و الشيخ محمد بن القاضي ، كما درس على الشيخ الصادق النيفر .
أما في المدرسة الخلدونية فقد درس العلوم العصرية، و من أساتذته فيها الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب ، و الأستاذ عثمان الكعاك و الشيخ العبيدي .
كان طيلة وجوده بتونس ما بين 1923 و 1929 معينا للشيخ أبي اليقظان في رعاية البعثة العلمية ، و إلى جانب ذلك كان شديد الاتصال بطلائع الحزب الدستوري و في أثناء ذلك تكونت آراؤه السياسية و الوطنية .
و لما أنهى دراسته بتونس رجع إلى الجزائر ، و عند تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في سنة 1931 حضر الجلسة التأسيسية ، و عين عضوا في لجنة صياغة قانونها الأساسي.
و في شهر ماي من سنة 1934 عين عضوا في حلقة العزابة بتجنينت.
ولظروف قاهرة اشتغل بالتجارة لفترة معينة ، و لكنه كان دوما متصلا بالحياة الفكرية و الثقافية و السياسية بالعاصمة فكان نعم المعين للشيخ أبي اليقظان إبراهيم في جهاده الصحفي ، كما كان يشارك في جميع نشاطات جمعية العلماء بالعاصمة .
كان رحمه الله ضمن الجماعة التي أسست بتجنينت أول مدرسة نظامية إصلاحية في وادي مزاب و كان يديرها الشيخ أحمد بن الحاج يحيى بكلي .
و في سنة 1939 انتقل إلى آت ايبرْﭬـان ( برّيان ) بعد تركه ميدان التجارة نهائيا ، فتفرغ للتعليم بها و أدار مدرستها إدارة حازمة ثم عين واعظا و مرشدا ثم مفتيا في مسجدها العامر فعضوا في حلقة العزابة ثم رئيسا للحلقة .
و في سنة 1945 شارك جماعة الإصلاح بتجنينت في تأسيس جمعية النهضة و عين رئيسا شرفيا لها ثم في سنة 1946 أسس بمشاركة إخوانه في آت ايبرْﭬـان جمعية الفتح للإشراف على الحركة العلمية بها .
و عند اندلاع الثورة التحريرية و امتدادها للصحراء شارك مشاركة فعالة في العمل السياسي و التنظيمي و قد ألقي عليه القبض سنة 1957 م و أطلق سراحه بعد عدة شهور و استمر جهاده متحديا كل الصعاب إلى يوم وفاته.
و في سنة 1966 عين عضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى و عضوا في لجنة الإفتاء التابعة لهذا المجلس.
تولى رئاسة مجلس عمي سعيد بعد أن عجز الشيخ بيوض – رحمه الله - عن حضور جلساته في أواخر أيامه و مرض نائبه الشيخ يوسف بن بكير حمو علي ( رحمه الله ) .
و في السبعينات ، بعد أن عجز صحيا عن إلقاء دروس الوعظ و الإرشاد اليومية في المسجد ، نظّم ندوة أسبوعية فقهية في كل يوم أربعاء في منزله يحضرها نخبة من الأساتذة و المرشدين .
تتمثل آثاره المطبوعة فيما يلي :
-حقق كتاب النيل للشيخ ضياء الدين عبد العزيز الثميني في ثلاثة أجزاء .
-كما حقق أيضا كتاب قواعد الإسلام للشيخ إسماعيل الجيطالي النفوسي في جزأين .
-جمع فتاواه و أصدرها في جزئين .
وأما آثاره غير المطبوعة :
فمنها ديوان شعر، و جمهرة رسائل البكري، و جهاد الإصلاح في جيل و عدد من المخطوطات في الفقه و الأدب العربي و التاريخ .
تخرج على يده المباركة نخبة صالحة من أبناء مْزاب توجهوا إلى مختلف المعاهد الجزائرية قبل و بعد الاستقلال ، و هم الآن يعمرون مختلف المراكز في عموم القطر و يساهمون في بناء الجزائر المسلمة .
توفي رحمه الله في آت ايبرْﭬـان مساء يوم الاثنين 3 جمادى الأولى 1406 الموافق لـ 13 جانفي 1986 ، بعد مرض ألمّ بـه ، و شيعت جنازته هناك صباح يوم الأربعاء 15 جانفي 1986 شهدها جمهور غفير قدم من مختلف أنحاء الوطن .
رحمه الله رحمة واسعة و جازاه عن الإسلام خير جزاء ، إنه سميع مجيب الدعاء .