الشيخ ابراهيم بن عمر بيوض |
ولد (رحمه الله ) يوم 11 ذي الحجة 1318هـ / 21أفريل 1899م بمدينة تيـﭭْـرار ( القرارة ) بمْزاب ، و كان والده من أعيان الاصلاح في البلد .
دخل المدرسة القرآنية في سن مبكرة ، فاستظهر القرآن سنة 1911م و عمره 12 سنة ، و دخل حلقة (إيروان) حفاظ القرآن قبل سن التكليف ، أخذ مبادئ الفقه و العربية عن مشائخه الحاج ابراهيم البريكي ، أبو العلاء عبد الله بن ابراهيم ، و الشيخ الحاج عمر بن يحيى في معهده .
نبغ بذكائه و حافظته و فصاحة لسانه فناب شيخه الحاج عمر في تدريس البلاغة و المنطق ، و بعد الحرب العالمية الأولى أخذ غصبا للخدمة العسكرية الإجبارية و فور رجوعه مباشرة بدأ مصارعته للإستعمار بكتابة رسائل احتجاج فقاوم قانون التجنيد الاجباري حتى أصدر المستعمر قانونا جديدا بالغاء الحكم و التجنيد العسكري عن وادي مْزاب .
في سنة 1919م تزوج و أنجب أولاده الستة مزدوجين ذكورا و إناثا .
و في سنة 1921 م ، و بعد وباء كبير ذهب بمعظم أعيان البلد منهم والده و شيخه ، خلف شيخه في الرئاسة و تبنى الحركة العلمية ثم النهضة الاصلاحية بمْزاب ، وفي سنة 1922م دخل كأصغر عضو في حلقة العزابة ، و مافتئ أن عُين شيخا للتدريس و الوعظ بالمسجد ثم انتخب حوالي 1940 رئيسا لمجلس العزابة .
في يوم 18 شوال 1343 هـ/21 ماي 1925 م ، أسس معهد الحياة للتعليم المتوسط و الثانوي ، و سماه : "معهد الشباب " ، تحت شعار : " الدين و الخلق قبل الثقافة ، و مصلحة الوطن قبل مصلحة الفرد ".
عام 1931م افتتح درس الحديث من كتاب : " فتح الباري في شرح صحيح البخاري " ، و اختتمه بحفل علمي بهيج سنة 1945 م ، بالمسجد الكبير بتيـﭭْـرار .
في غرة محرم سنة 1353 هـ / ماي 1935 ، بعد أن أتم تفسير جزء عم ، افتتح درس تفسير القرآن الكريم من فاتحته , و اختتمه يوم : 25 ربيع الثاني سنة : 1400 هـ / 12 فيفري سنة 1980 م , و أقيم له مهرجان عظيم للختم يوم : 23 ماي 1980 م ، و أعطى لتفسيره عنوان : في رحاب القرآن .
شارك سنة 1931 م ، في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و مناقشة قانونها و انتخب عضوا في ادارتها و اسندت اليه نيابة أمانة مالها ، و في سنة 1937م أسس جمعية الحياة رائدة النهضة العلمية و الإصلاحية بتيـﭭْـرار .
في سنة 1940 حكم عليه بالإقامة الجبرية (داخل أسوار تيـﭭْـرار ) لا يغادرها لمدة أربع سنوات كون خلالها أجيالا من رجالات الأمة الحاليين ، و في سنة 1940 تزوج زوجة ثانية و اكبته في كامل مراحل جهاده أثرت عليه بوفاتها سنة 1977 أثرا بالغا .
و في سنة 1948م كان من بين الأربعة الممضين على رسائل التأييد باسم اللجنة الجزائرية الفلسطينية لقضية فلسطين في الجامعة العربية .
دخل معترك الحياة السياسية بعد خروجه من الإقامة الجبرية بعد الحرب العالمية الثانية فطالب بإلحاق الصحراء بالجزائر في نطاق الدستور الفرنسي المزعوم سنة 1947م .
من فاتح نوفمبر 1954م الى 19مارس 1962 كان محورا لجميع النشاطات الثورية بمْزاب ، يديرها مباشرة بنفسه و بواسطة أبنائه الشباب من تلاميذه ، و يرجع إليه الفضل في احباط مؤامرة فصل الصحراء عن الجزائر .
في سنة 1963 م ، انتخب رئيسا لمجلس عمي سعيد الهيئة العليا للعزابة ، و دامت رئاسته له حتى وفاته .
في السبعينات ، اعتمدته وزارة التعليم الأصلي و الشؤون الدينية بالجزائر في الفتوى بالعمل بالحساب في إثبات المواسم الدينية ، و في اعتبار ميقات الحجاج بالطائرة باعتبار المطار الذي ينزلون فيه بالحجاز .
من تراثه الأدبي :
لم يهتم الشيخ بيوض كثيرا بالتأليف ، فهو كما كان يصف نفسه : اشتغل بتأليف الرجال عن تأليف الكتب .
في رحاب القرآن ( تفسير القرآن الكريم ) : مازالت عدة أجزاء من هذا الكتاب لم يطبع , و مازالت مادته العلمية مسجلة , و قد طُبعت أجزاء كثيرة منه ، و قد تبنى تلميذه عيسى الشيخ بالحاج كتابته و ترتيبه و تبنت جمعية التراث طبعه و نشره .
و كتاب : أعمالي في الثورة .
و كتاب : فتاوى الشيخ بيوض في جزئين ، و قد عرضنا جزءا من هذه الفتاوى في صفحة الفتاوى .
و مجموعة كبيرة من الدروس المسجلة على أشرطة و أقراص .
من ثمار جهاده :
أجيال من الرجال على رأسهم : خلفه رائد النهضة الإصلاحية الشيخ شريفي سعيد (عدون) ، و أضرابه من مئات المشائخ و الأساتذة و الدكاترة و كبار الموظفين السامين في مختلف المستويات .
دعائم نهضته الإصلاحية :
القرآن و السنة و سيرة الصحابة و الخلفاء الراشدين و السلف الصالحين من بعدهم , و منابر نشر رسالته : المسجد أولا ثم التعليم بمعهد الحياة ثانيا , ثم المجتمع الخارجي العام ثالثا .
ختمت أنفاسه الطيبة و حياته الحافلة بالجهاد على الساعة السادسة مساء الأربعاء 8 ربيع الأول سنة 1401 الموافق ليوم 14 جانفي 1981 عن عمر يناهز 82 سنة ، أمضى جلها في خدمة العلم و المجتمع المزابي خاصة و الإسلامي عامة ، و شيع جثمانه في موكب ضخم حضره نخبة من مسؤولي الدولة ، من بينهم خمسة وزراء ، أصعد الله روحه في الصالحين و أسكنه فراديس الجنان .