الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، وأمينه على وحيه ، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين . أما بعد : فإن الشباب من نعم الله العظيمة ، وصاحبه قد مُنح قوة تعينه على تحقيق آماله بالاستعانة بالله - عز وجل - ، وهي مرحلة عظيمة ينبغي أن تصان عما لا ينبغي من الأخلاق والأعمال ، وينبغي لصاحبها أن يجتهد فيما يبلغه إلى الله - عز وجل - ونفع عباده .
مرحلة الشباب مرحلة عظيمة ، هي أهم المراحل ، ومن سنة الله - عز وجل - أن العبد إذا استقام على أمرٍ وواظب عليه وشب عليه ، فإن الله - جل وعلا - يعينه على إكمال ذلك ، ويتوفاه على ما عاش عليه ونشأ عليه من الخير ، وقد أشاد الإسلام بالشباب وحثه على الاستقامة ، ورغبه بأسباب النجاة والسعادة ، ولهذا ثبت في " الصحيحين " : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( سبعةٌ يظلهم الله في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ؛ فقال : إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه ) . هذا الحديث العظيم يدل على عظم شأن الشباب ، وأنه ينبغي للشاب أن يُعنى بهذه المرحلة ، وأن يستقيم فيها على أمر الله ، وأن يحاسب نفسه ؛ حتى لا يكون سببًا لضلال غيره .
وقد ذكر - عليه الصلاة والسلام - هؤلاء السبعة ، وبدأهم بالإمام العادل ؛ لأن الإمام العادل مصلحته تعم المسلمين ، وتنفع المسلمين ، فيقيم فيهم شرع الله ، ويحكم فيهم بالعدل ، وينصف مظلومهم من ظالمهم ، ويعينهم على طاعة الله - عز وجل - ، فلهذا صار أول السبعة ، الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله . ثم ذكر بعده الشاب الذي نشأ في عبادة الله ، فصار هو الثاني ؛ لأن الشاب إذا نشأ في عبادة الله نفع الله به الأمة ، فعلمهم ، ودعا إلى الله في شبابه وبعد مشيبه وكبر سنه ، فيكون نفعه عظيمًا ، والفائدة كبيرة ، لكونه نشأ في طاعة الله وعبادته ، ولكونه تعلم في حال القوة والنشاط ، فيزداد علمًا وهدىً وتوفيقًا كلما زاد سنه وارتفع ، فيكون نفعه أكثر للأمة ، والتأسي به في ذلك ، كذلك من الشباب المماثل ، فالشباب يتأسى بعضهم ببعض ، ويقتدي بعضهم ببعض ، فكلما قوي نشاط الشباب في طاعة الله تأسى به الآخرون ، وكثر عباد الله المستقيمون ، وانتشر العلم بينهم ، وتأسى بهم غيرهم ، فيكثر الخير ، ويقل الشر ، ويقوم أمر الله ، ويخذل الباطل ، وتشيع الفضائل ، وتختفي الرذائل .
ومن ذلك : قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ) . فأمر الشباب بالزواج ، حتى يحصنوا فروجهم ويغضوا أبصارهم ، وحتى يكونوا قدوة لغيرهم في الخير ، ولهذا قال : ( فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ) . فعُلِم بذلك أنه ينبغي للشباب أن يبادر إلى كل ما يعينه على طاعة الله ، حتى يتأسى به غيره ، وحتى تكون سجية له ، وعملاً مستمرًا له في طاعة الله - سبحانه وتعالى - .
ومما يتعين على الشباب : أن يجدوا في طلب العلم ، والعناية بالقرآن الكريم ، حتى يعرف الشاب أحكام الله ، وحتى يسير على بصيرة من الله في حال شبابه وبعد كبر سنه ، بخلاف ما إذا كبر في السن ، فإن المشاغل تكثر ، والفهم يضعف ، أما حال الشباب فهي أقوى على فهم النصوص ، وأقرب إلى حفظها ، وأقرب إلى العمل بها ، وأقوى على ذلك ، فلهذا ينبغي للشاب أن يحفظ وقته ، وأن يصون شبابه ، حتى لا يقع فيما حرم الله عليه ، وحتى لا يتكاسل ولا يضعف عما أوجب الله عليه .
أيها الشباب : أيها الإخوة في الله ! أيها الأبناء ! إن الواجب عظيم ، فعليكم بالجد والتشمير في طاعة الله ، وفي طلب العلم ، والتفقه في الدين ، وحفظ الأوقات عما لا ينبغي ، فالوقت في الحقيقة أعز وأغلى من الذهب ، فينبغي أن يُصان عما لا ينبغي . ينبغي أن يصان عن المحارم ، وعن الرذائل ، وعن كل ما يشين المؤمن ، وينبغي أن يُحفظ فيما ينفع ، وفيما يعين على طاعة الله ، وفيما يقوي على الجهاد في سبيل الله ، وفيما ينفع الأمة في دينها ودنياها . هكذا ينبغي للشاب أن يكون وقته محفوظًا في طاعة الله ، وفي التعلم والتفقه في الدين ، وفي تعلم الأشياء الأخرى التي تنفع الأمة ، وتعينها وتغنيها عن الحاجة إلى الغير ، فالأمة في حاجة إلى التفقه في الدين ، وإلى ما يبصرها فيما شرع الله لها ، وفيما أوجب الله عليها ، كما أنها في حاجة إلى شباب يتعلموا كل ما تحتاجه الأمة في جميع شؤونها الدفاعية ، وشؤونها التي تحتاج إليها في حياتها . فينبغي للشاب أن يكون ذا عناية وذا حفظ للوقت ، يشغله بما ينفع في العلم النافع والعمل الصالح ، وفي العلوم الدنيوية النافعة التي يُستعان بها على الإعداد للأعداء ، وعلى حفظ البلاد ، وعلى نصر دين الله ، والجهاد في سبيله ، وعلى الغنى عما عند أعداء الله ، حتى لا نحتاج إليهم .
ومعلوم أن الشباب قوته على العمل ، وصبره على العمل ، وقوة حفظه وفهمه أكثر بكثير مما إذا ارتفعت السن ، وخطه الشيب ، وجاءه الضعف ، فإن الحال غير الحال ، فينبغي له أن يحفظ هذا الوقت العظيم ، وهذه الفرصة العظيمة حتى لا تصرف إلا فيما ينفع في الدين والدنيا ، وفيما ينفعه لنفسه ، وفيما ينفع الأمة الإسلامية ، حتى ينفعها في دينها ودنياها ، وحتى يساعد في بناء نهضتها الإسلامية النافعة المفيدة ، وحتى يساعدها - أيضًا - في حمايتها من كيد أعدائها ، وفي إعداد القوة النافعة المفيدة التي تعينها في جهاد الأعداء ، وفي حماية البلاد وحفظها عن مكائد أعداء الله .
سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمة الله عليه
مرحلة الشباب مرحلة عظيمة ، هي أهم المراحل ، ومن سنة الله - عز وجل - أن العبد إذا استقام على أمرٍ وواظب عليه وشب عليه ، فإن الله - جل وعلا - يعينه على إكمال ذلك ، ويتوفاه على ما عاش عليه ونشأ عليه من الخير ، وقد أشاد الإسلام بالشباب وحثه على الاستقامة ، ورغبه بأسباب النجاة والسعادة ، ولهذا ثبت في " الصحيحين " : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( سبعةٌ يظلهم الله في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ؛ فقال : إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه ) . هذا الحديث العظيم يدل على عظم شأن الشباب ، وأنه ينبغي للشاب أن يُعنى بهذه المرحلة ، وأن يستقيم فيها على أمر الله ، وأن يحاسب نفسه ؛ حتى لا يكون سببًا لضلال غيره .
وقد ذكر - عليه الصلاة والسلام - هؤلاء السبعة ، وبدأهم بالإمام العادل ؛ لأن الإمام العادل مصلحته تعم المسلمين ، وتنفع المسلمين ، فيقيم فيهم شرع الله ، ويحكم فيهم بالعدل ، وينصف مظلومهم من ظالمهم ، ويعينهم على طاعة الله - عز وجل - ، فلهذا صار أول السبعة ، الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله . ثم ذكر بعده الشاب الذي نشأ في عبادة الله ، فصار هو الثاني ؛ لأن الشاب إذا نشأ في عبادة الله نفع الله به الأمة ، فعلمهم ، ودعا إلى الله في شبابه وبعد مشيبه وكبر سنه ، فيكون نفعه عظيمًا ، والفائدة كبيرة ، لكونه نشأ في طاعة الله وعبادته ، ولكونه تعلم في حال القوة والنشاط ، فيزداد علمًا وهدىً وتوفيقًا كلما زاد سنه وارتفع ، فيكون نفعه أكثر للأمة ، والتأسي به في ذلك ، كذلك من الشباب المماثل ، فالشباب يتأسى بعضهم ببعض ، ويقتدي بعضهم ببعض ، فكلما قوي نشاط الشباب في طاعة الله تأسى به الآخرون ، وكثر عباد الله المستقيمون ، وانتشر العلم بينهم ، وتأسى بهم غيرهم ، فيكثر الخير ، ويقل الشر ، ويقوم أمر الله ، ويخذل الباطل ، وتشيع الفضائل ، وتختفي الرذائل .
ومن ذلك : قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ) . فأمر الشباب بالزواج ، حتى يحصنوا فروجهم ويغضوا أبصارهم ، وحتى يكونوا قدوة لغيرهم في الخير ، ولهذا قال : ( فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ) . فعُلِم بذلك أنه ينبغي للشباب أن يبادر إلى كل ما يعينه على طاعة الله ، حتى يتأسى به غيره ، وحتى تكون سجية له ، وعملاً مستمرًا له في طاعة الله - سبحانه وتعالى - .
ومما يتعين على الشباب : أن يجدوا في طلب العلم ، والعناية بالقرآن الكريم ، حتى يعرف الشاب أحكام الله ، وحتى يسير على بصيرة من الله في حال شبابه وبعد كبر سنه ، بخلاف ما إذا كبر في السن ، فإن المشاغل تكثر ، والفهم يضعف ، أما حال الشباب فهي أقوى على فهم النصوص ، وأقرب إلى حفظها ، وأقرب إلى العمل بها ، وأقوى على ذلك ، فلهذا ينبغي للشاب أن يحفظ وقته ، وأن يصون شبابه ، حتى لا يقع فيما حرم الله عليه ، وحتى لا يتكاسل ولا يضعف عما أوجب الله عليه .
أيها الشباب : أيها الإخوة في الله ! أيها الأبناء ! إن الواجب عظيم ، فعليكم بالجد والتشمير في طاعة الله ، وفي طلب العلم ، والتفقه في الدين ، وحفظ الأوقات عما لا ينبغي ، فالوقت في الحقيقة أعز وأغلى من الذهب ، فينبغي أن يُصان عما لا ينبغي . ينبغي أن يصان عن المحارم ، وعن الرذائل ، وعن كل ما يشين المؤمن ، وينبغي أن يُحفظ فيما ينفع ، وفيما يعين على طاعة الله ، وفيما يقوي على الجهاد في سبيل الله ، وفيما ينفع الأمة في دينها ودنياها . هكذا ينبغي للشاب أن يكون وقته محفوظًا في طاعة الله ، وفي التعلم والتفقه في الدين ، وفي تعلم الأشياء الأخرى التي تنفع الأمة ، وتعينها وتغنيها عن الحاجة إلى الغير ، فالأمة في حاجة إلى التفقه في الدين ، وإلى ما يبصرها فيما شرع الله لها ، وفيما أوجب الله عليها ، كما أنها في حاجة إلى شباب يتعلموا كل ما تحتاجه الأمة في جميع شؤونها الدفاعية ، وشؤونها التي تحتاج إليها في حياتها . فينبغي للشاب أن يكون ذا عناية وذا حفظ للوقت ، يشغله بما ينفع في العلم النافع والعمل الصالح ، وفي العلوم الدنيوية النافعة التي يُستعان بها على الإعداد للأعداء ، وعلى حفظ البلاد ، وعلى نصر دين الله ، والجهاد في سبيله ، وعلى الغنى عما عند أعداء الله ، حتى لا نحتاج إليهم .
ومعلوم أن الشباب قوته على العمل ، وصبره على العمل ، وقوة حفظه وفهمه أكثر بكثير مما إذا ارتفعت السن ، وخطه الشيب ، وجاءه الضعف ، فإن الحال غير الحال ، فينبغي له أن يحفظ هذا الوقت العظيم ، وهذه الفرصة العظيمة حتى لا تصرف إلا فيما ينفع في الدين والدنيا ، وفيما ينفعه لنفسه ، وفيما ينفع الأمة الإسلامية ، حتى ينفعها في دينها ودنياها ، وحتى يساعد في بناء نهضتها الإسلامية النافعة المفيدة ، وحتى يساعدها - أيضًا - في حمايتها من كيد أعدائها ، وفي إعداد القوة النافعة المفيدة التي تعينها في جهاد الأعداء ، وفي حماية البلاد وحفظها عن مكائد أعداء الله .
سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمة الله عليه