4- آثاره وتلاميذه وآراؤه الكلامية:
أيها الطالب: في ضوء ما رأيناه نستطيع أن نقول أن الشيخ عامر الشماخي قد حارب البدع والشعوذة والخرافات الزائفة وتطهير العقيدة من مظاهر الشرك والوثنية كالتمسك والتوسط بالأولياء والقبور، بدعوى أن هؤلاء وسطاء بين الإنسان وربه، وهذا بطبيعة الحال يتناقض كل التناقض مع التوحيد الخالص ويخالف الآيات القرآنية الواضحة لقوله تعالى:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) - البقرة:186-
وكان الشيخ عامر رحمه الله مرجع الفتوى في جبل نفوسة والمغرب نظرا إلى غزارة علمه وورعه، وبالتالي تخرج على يده عدد كبير من الأعلام الكبار، ومن أبرزهم ولده موسى وحفيده سليمان وأيوب الجيطالي وأبو الفضل أبو القاسم البرادي، صاحب كتاب الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات وأبو الضياء الطرميسي.
أضف إلى هذا أنه قد ترك للفكر الإسلامي الأصيل ثروة فكرية غنية بمادتها تتجلى في كتابه القيم كتاب الإيضاح الذي يعد موسوعة فقهية واضحة , عالج في هذا الكتاب فقه العبادات والأخلاق والمعاملات.
يقول رحمه الله (فإنه قد دعاني إلى إيضاح ما ألفت في هذا الكتاب من مسائل الصلاة ووظائفها بجميع الأسباب وما عليه عولت إن شاء الله وقدر سلامة وأعان على ما هداه مما قد اعتنيت به وألفته ومن أقوال أصحابنا خاصة، جمعته بدلائل مسموعات مستندات وقياسات مستنبطات ومستخرجات طلبي لمرضاة الله تعالى وابتغاء ما عنده لا لشيء سواه، لا. وأن أكون في ذلك إلا عونا للمتعلمين ومتبعاً سبيل من سلك هذه الطريقة من صالح المؤمنين، لأن الله تعالى يقول:
(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) - المائدة:2-
وفي ضوء هذه الآية الكريمة نجد أن العلامة عامر الشماخي كان هدفه الأول والأخير هو خدمة كتاب الله عز وجل، ابتغاء فضله واحتساب أجره، أما إذا كان العالم هدفه التفاخر بعلمه أمام الملأ، أو خدمة لسلطان جائر، فإن مصيره جهنم وبئس المصير، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علما لغير الله، أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار) – رواه الترمذي- .
هذه هي بعض ملامح شخصيته، إلا أن هذه الصورة تبقى ناقصة ما لم نعالجها من الزاوية الفكرية الإسلامية المتجسمة في علم التوحيد الذي ألف فيه متن كتاب الديانات، وقد ترجمه إلى اللغة الإنجليزية الأستاذ الكريم عمر النامي وترجمه إلى اللغة الفرنسية القسيس الفرنسي كوربوربي.
وعلى أية حال فإن علم التوحيد أهم العلوم الدينية على الإطلاق لأنه يرتبط ارتباطا كليا بالعقيدة والإيمان وبدونه سيفقد المسلم جوهر إيمانه ودينه بحيث نجد عدة أعلام سموه بعلم أصول الدين كما عرف بعد ذلك بعلم الكلام- أما الآن فيدرس باسم العقيدة في الثانويات والمدارس- فهذه العقيدة نجدها متجلية في سورة الإخلاص قال الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدُ * )
ومن هنا يحسن بنا أن نقول ما هي القضايا التي عالجها شيخنا عامر ابن علي الشماخي من خلال كتابه متن الديانات، هناك عدة مسائل طرحت وأثريت فيه، ومن أهمها- التوحيد، والعدل والقدر والولاية والبراءة (أي الحب والبغض) والأمر والنهي، و الوعد والوعيد ( أي الجنة والنار) والمنزلة بين المنزلتين (أي أن منزلة النفاق بين منزلة الإيمان ومنزلة الشرك وأن لا منزلة بين المنزلتين- أي لا توجد منزلة بين منزلة الإيمان ومنزلة الكفر) والأسماء والأحكام ( أي أن الألفاظ تابعة للأحكام فمن حكم عليه بالإيمان سمي مؤمنا ومن حكم عليه بالكفر فهو كافر) هذه هي الأصول التسعة التي وقع فيها الاختلاف بين المذاهب الإسلامية.
ومن هنا، فإن البحث المستفيض فيها قد يأخذ مجلدات كبيرة كما وقع في الماضي ولكن نرى أن نبدأ بالقاعدة الأساسية الجوهرية في الإسلام وهي التوحيد وعلى هذا يمكننا أن نشير إلى رأي شيخنا عامر بن علي رحمه الله- يقول في هذه المسألة: (التوحيد: تدين بأن الله واحد ليس كمثله شيء في صفة ولا في ذات ولا في فعل وتدين بأنه لا يُرى في الدنيا ولا في الآخرة
( لاّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) - الأنعام:103-
وتدين بأنه استوى على العرش وعلى كل شيء استواء غير معقول والاستواء صفة له لم ينزل ربنا موصوفا بها وندين بأنه في كل مكان بالحفظ والقدرة وبكونه في الأشياء ومع الأشياء بالاحاطة لها وبالزيادة والنقصان لا على الحلول والتمكن والاجتنان (أي الاختفاء) وندين بأن أسماءه هو وبأن صفاته هو وندين بأن ليس ثم شي غيره لا يجري عليه العدو والتغاير والاختلاف).
وهكذا نجد أن شيخنا الكريم عامر بن علي الشماخي قد ركّز على عقيدة التوحيد الخالص الثابت الذي يؤثر بقوة وعمق في سلوك المسلم في كل لحظة، فهذه العقيدة يجب أن تكون مبنية على العلم الثابت والتصديق الجازم الذي لا يتطرق إليه أي شك.
من خلال هذا النص نلاحظ أنه قد كرر عدة مرات كلمة ندين ويقصد بها نتعبد ونتقرب نحن معاشر المسلمين إلى الله تعالى بإذعاننا وإقرارنا بالتوحيد وهو الإقرار والاعتقاد الجازم بأن لا إله إلا الله ، فالله عز وجل هو المالك الوحيد الخالق لهذا الكون وهو المنفرد بالوحدانية فصفات الله عي عين ذاته والله قادر بذاته أي أ، ذاته كافية في التأثير في جميع المقدورات، فالله قديم وصفة القديم مثله في القدم.
ولا يجوز اعتبار الصفات مستقلة محدثة وبالتالي يصبح الله تعالى في حاجة إلى أعراض وأجزاء، ويغدو مركبا ومتغيرا في صفاته بحيث يكون في وقت على صفة وفي أخرى على خلافها، ويلزم عن هذا أن لا جنس له، ولا فصل له ولا حد له ولا ند له، ولا يشاركه في الكمال المطلق اللانهائي أي شيء.
أي بالنسبة إلى الصفات فما هي إلا معاني عقلية تدل على القدرة والعلم والإرادة والحياة فالله كائن في كل مكان ومحيط بكل شيء وفي كل مكان وزمان ولا على الاجتنان أو الاختفاء والتستر تعالى الله عن ذلك عُلواًّ كبيرا الله عز وجل لن يُرى في الدنيا ولا في الآخرة بحيث لو أمكن رؤية الله لكان جسما متحيزا موجودا في مكان ما وهذا تجسيم وتجزئة لصفات الله عز وجل.
والجدير بالذكر أن علماء الإسلام قد حللوا وناقشوا علم التوحيد في مباحثهم العامة لأنه ركن أصيل وجوهري في الإسلام، إلا أن الشيخ عامر بن علي الشماخي قد عالج موضوعا آخر في دراسته الفكرية وهو موضوع الأخلاق لاسيما الحقوق المتبادلة بين الناس وعلى هذا يمكننا أن نسلط الأضواء على رؤيته في هذا الموضوع.
ويتبع...
أيها الطالب: في ضوء ما رأيناه نستطيع أن نقول أن الشيخ عامر الشماخي قد حارب البدع والشعوذة والخرافات الزائفة وتطهير العقيدة من مظاهر الشرك والوثنية كالتمسك والتوسط بالأولياء والقبور، بدعوى أن هؤلاء وسطاء بين الإنسان وربه، وهذا بطبيعة الحال يتناقض كل التناقض مع التوحيد الخالص ويخالف الآيات القرآنية الواضحة لقوله تعالى:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) - البقرة:186-
وكان الشيخ عامر رحمه الله مرجع الفتوى في جبل نفوسة والمغرب نظرا إلى غزارة علمه وورعه، وبالتالي تخرج على يده عدد كبير من الأعلام الكبار، ومن أبرزهم ولده موسى وحفيده سليمان وأيوب الجيطالي وأبو الفضل أبو القاسم البرادي، صاحب كتاب الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات وأبو الضياء الطرميسي.
أضف إلى هذا أنه قد ترك للفكر الإسلامي الأصيل ثروة فكرية غنية بمادتها تتجلى في كتابه القيم كتاب الإيضاح الذي يعد موسوعة فقهية واضحة , عالج في هذا الكتاب فقه العبادات والأخلاق والمعاملات.
يقول رحمه الله (فإنه قد دعاني إلى إيضاح ما ألفت في هذا الكتاب من مسائل الصلاة ووظائفها بجميع الأسباب وما عليه عولت إن شاء الله وقدر سلامة وأعان على ما هداه مما قد اعتنيت به وألفته ومن أقوال أصحابنا خاصة، جمعته بدلائل مسموعات مستندات وقياسات مستنبطات ومستخرجات طلبي لمرضاة الله تعالى وابتغاء ما عنده لا لشيء سواه، لا. وأن أكون في ذلك إلا عونا للمتعلمين ومتبعاً سبيل من سلك هذه الطريقة من صالح المؤمنين، لأن الله تعالى يقول:
(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) - المائدة:2-
وفي ضوء هذه الآية الكريمة نجد أن العلامة عامر الشماخي كان هدفه الأول والأخير هو خدمة كتاب الله عز وجل، ابتغاء فضله واحتساب أجره، أما إذا كان العالم هدفه التفاخر بعلمه أمام الملأ، أو خدمة لسلطان جائر، فإن مصيره جهنم وبئس المصير، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علما لغير الله، أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار) – رواه الترمذي- .
هذه هي بعض ملامح شخصيته، إلا أن هذه الصورة تبقى ناقصة ما لم نعالجها من الزاوية الفكرية الإسلامية المتجسمة في علم التوحيد الذي ألف فيه متن كتاب الديانات، وقد ترجمه إلى اللغة الإنجليزية الأستاذ الكريم عمر النامي وترجمه إلى اللغة الفرنسية القسيس الفرنسي كوربوربي.
وعلى أية حال فإن علم التوحيد أهم العلوم الدينية على الإطلاق لأنه يرتبط ارتباطا كليا بالعقيدة والإيمان وبدونه سيفقد المسلم جوهر إيمانه ودينه بحيث نجد عدة أعلام سموه بعلم أصول الدين كما عرف بعد ذلك بعلم الكلام- أما الآن فيدرس باسم العقيدة في الثانويات والمدارس- فهذه العقيدة نجدها متجلية في سورة الإخلاص قال الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدُ * )
ومن هنا يحسن بنا أن نقول ما هي القضايا التي عالجها شيخنا عامر ابن علي الشماخي من خلال كتابه متن الديانات، هناك عدة مسائل طرحت وأثريت فيه، ومن أهمها- التوحيد، والعدل والقدر والولاية والبراءة (أي الحب والبغض) والأمر والنهي، و الوعد والوعيد ( أي الجنة والنار) والمنزلة بين المنزلتين (أي أن منزلة النفاق بين منزلة الإيمان ومنزلة الشرك وأن لا منزلة بين المنزلتين- أي لا توجد منزلة بين منزلة الإيمان ومنزلة الكفر) والأسماء والأحكام ( أي أن الألفاظ تابعة للأحكام فمن حكم عليه بالإيمان سمي مؤمنا ومن حكم عليه بالكفر فهو كافر) هذه هي الأصول التسعة التي وقع فيها الاختلاف بين المذاهب الإسلامية.
ومن هنا، فإن البحث المستفيض فيها قد يأخذ مجلدات كبيرة كما وقع في الماضي ولكن نرى أن نبدأ بالقاعدة الأساسية الجوهرية في الإسلام وهي التوحيد وعلى هذا يمكننا أن نشير إلى رأي شيخنا عامر بن علي رحمه الله- يقول في هذه المسألة: (التوحيد: تدين بأن الله واحد ليس كمثله شيء في صفة ولا في ذات ولا في فعل وتدين بأنه لا يُرى في الدنيا ولا في الآخرة
( لاّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) - الأنعام:103-
وتدين بأنه استوى على العرش وعلى كل شيء استواء غير معقول والاستواء صفة له لم ينزل ربنا موصوفا بها وندين بأنه في كل مكان بالحفظ والقدرة وبكونه في الأشياء ومع الأشياء بالاحاطة لها وبالزيادة والنقصان لا على الحلول والتمكن والاجتنان (أي الاختفاء) وندين بأن أسماءه هو وبأن صفاته هو وندين بأن ليس ثم شي غيره لا يجري عليه العدو والتغاير والاختلاف).
وهكذا نجد أن شيخنا الكريم عامر بن علي الشماخي قد ركّز على عقيدة التوحيد الخالص الثابت الذي يؤثر بقوة وعمق في سلوك المسلم في كل لحظة، فهذه العقيدة يجب أن تكون مبنية على العلم الثابت والتصديق الجازم الذي لا يتطرق إليه أي شك.
من خلال هذا النص نلاحظ أنه قد كرر عدة مرات كلمة ندين ويقصد بها نتعبد ونتقرب نحن معاشر المسلمين إلى الله تعالى بإذعاننا وإقرارنا بالتوحيد وهو الإقرار والاعتقاد الجازم بأن لا إله إلا الله ، فالله عز وجل هو المالك الوحيد الخالق لهذا الكون وهو المنفرد بالوحدانية فصفات الله عي عين ذاته والله قادر بذاته أي أ، ذاته كافية في التأثير في جميع المقدورات، فالله قديم وصفة القديم مثله في القدم.
ولا يجوز اعتبار الصفات مستقلة محدثة وبالتالي يصبح الله تعالى في حاجة إلى أعراض وأجزاء، ويغدو مركبا ومتغيرا في صفاته بحيث يكون في وقت على صفة وفي أخرى على خلافها، ويلزم عن هذا أن لا جنس له، ولا فصل له ولا حد له ولا ند له، ولا يشاركه في الكمال المطلق اللانهائي أي شيء.
أي بالنسبة إلى الصفات فما هي إلا معاني عقلية تدل على القدرة والعلم والإرادة والحياة فالله كائن في كل مكان ومحيط بكل شيء وفي كل مكان وزمان ولا على الاجتنان أو الاختفاء والتستر تعالى الله عن ذلك عُلواًّ كبيرا الله عز وجل لن يُرى في الدنيا ولا في الآخرة بحيث لو أمكن رؤية الله لكان جسما متحيزا موجودا في مكان ما وهذا تجسيم وتجزئة لصفات الله عز وجل.
والجدير بالذكر أن علماء الإسلام قد حللوا وناقشوا علم التوحيد في مباحثهم العامة لأنه ركن أصيل وجوهري في الإسلام، إلا أن الشيخ عامر بن علي الشماخي قد عالج موضوعا آخر في دراسته الفكرية وهو موضوع الأخلاق لاسيما الحقوق المتبادلة بين الناس وعلى هذا يمكننا أن نسلط الأضواء على رؤيته في هذا الموضوع.
منقول للأمانة
ويتبع...