يزخر ميزاب بتراثه وتاريخه
وأمجاده، مما جعل اهتماما إعلاميا ظاهرا يختصّ به، ففي فكل مرة تطل علينا
جهة إعلامية بتقرير يبين مشهدا من مشاهد الحضارة، التي ماترك أجدادنا ما
نضيف عليها إلا أن مهمتنا المحافظة وحسن التكييف مع المستجدات التي تطرأ مع
الوقت، موضوعنا هذا اليوم من جريدة الرياض السعودية
التي تصدر يوميا، فرغم قدمه زمنيا إلا أن فيه ما يستحق التحليل والمعاينة،
وليس المطالعة فحسب.
العنوان كما ورد في الجريدة:
تقاليد الزواج في منطقة "وادي ميزاب" بالجزائر عادات أصيلة لا تخرج
عن فكر المدينة الإباضية
تتعدد تقاليد الزواج في الجزائر
مثلما تتعدد ألوان قوس قزح في رحابات السماء الواحدة.. فوطن مثل الجزائر
تفوق شساعة أراضيه المليوني كلم لا محالة تتعدد في مختلف ربوعه وزواياه صور
الحسن ومشاهد البهاء ولوحات الجمال التي تصنعها تقاليد وعادات ترسم
بتفاصيلها الدقيقة فسيفساء غاية في التميز والخصوصية.. ويكفينا أن نخرج من
بوتقة هذه التقاليد.. ترتيبات الزواج في الجزائر وما سبقه ويعقبه من مسائل
تتعلق بالخطوبة...
والمهر والصداق و"الطبق" وليلة
الحناء والدخلة وفطور العروسة.. لتدرك مدى التنوع الثقافي والفني الذي تزخر
به كل منطقة من مناطق الجزائر وعلى رأسها منطقة وادي ميزاب،حيث أهل
الإباضية وسكان غرداية والقرارة وبني يزقن وعادتهم التي لم يَمءحُها استلاب
العصر و"ثقافات" الهوائيات المقعرة التي لم "تقدر" على غزو بيوت أهل وادي
ميزاب الأصيلة.. ولعل الحديث عن تقاليد الزواج عند المرأة الميزابية.. حديث
مغر وشيق لم ولن تمنحك إياه مساحات إعلامية أخرى لسبب واحد وأساسي وهو أن
الدخول إلى البيت الميزابي ليس كدخول بقية البيوت الجزائرية، فلأهل وادي
ميزاب منظومتهم الاجتماعية والثقافية التي لا مكان فيها للأجنبي، أما
التقرب إلى نسائهم أو رؤيتهن فهي من المستحيلات السبعة التي يعرفها العام
والخاص في المجتمع الجزائري.
مملكة صغيرة.. وبساطة كبيرة!
لسنا نغالي إذا قلنا أن التعدد
الثقافي في الجزائر بقدر ما يعتبر عنصر ثراء وتنوع لا اختلاف وفرقة.. فإن
هذا التعدد يمنحك في العام الواحد أو لنقل في صيف العام الواحد أسفارا لا
نهاية لها تأخذك وأنت مسحور العينين من عالم إلى آخر.. وإذا كنت من
المدعوين لعرس زفاف أحد أهل وادي ميزاب بالجنوب الجزائري التي تبعد عن
العاصمة بحوالي 600كلم.. حيث الرمال الذهبية وأشجار النخيل الباسقة
والخضرة والسواقي.. بل حيث عادات أهل وادي ميزاب ومملكتهم الصغيرة المحاطة
بأسوار الطين والطوب التي لا يدخلها غريب ولا أجنبي، إلا بإذن أهلها
الطيبين.. فإنك لا محالة تحضر حفل زفاف مميز لمن تمنحك إياه أشرطة الفيديو
أو الأفلام الوثائقية.. ففي وادي ميزاب تلامس الأصالة عن قرب.. وهناك يسهل
عليك فهم كيف أن مثل هذه المملكات لا تبالي بحديث العولمة -هذا البعبع الذي
يخيف الجميع - لأنها ببساطة لها من الخصوصيات والتفرد ما يجعلها تتناغم
بلا صدام مع حضارات المعمورة وثقافات الشعوب.. ففي وادي ميزاب تجد البساطة
عنوان كل ميزابي في مجموع بيوت القرى الخمس التي تشكل حظيرة وادي ميزاب
العريقة وهي غرداية التي انشئت سنة 477ه (القرن 11) والقرارة التي تأسست
العام 1630والعطف أو "تاجنتينت"بالبربرية التي أنشئت سنة 402ه /
1012وبريان التي أنشئت العام 1679م وتبعد عن غرداية بحوالي 45كلم عن مدينة
غرداية وبنورة ومليكة وأخيراً بني يزقن أو "آت يسجن" بالبربرية التي تعد
من أهم المدن الميزابية.. انشئت العام 1321من اندماج 5قرى قديمة على
مقربة من المدينة الحالية وهي بأسمائها البربرية القديمة "تيريشين"
و"موركي" و"اجنوناي" و"تافلالت" و"بوكياو".. ومثلما هي البساطة حاضرة في كل
زاوية من زوايا هذه القرى الجميلة العتيقة التي لم يطلها الإرهاب البتة
على مدى العشر السنوات التي حوّلت الجزائر الى دمار ودم وعنف ولم تتوقف
عنها الوفود السياحية التي وجدت في ربوعها الأمان والسلم عكس باقي أجمل
مناطق القطر الجزائري.. فمثلما هي البساطة حاضرة في كل سلوكات أهل وادي
ميزاب ونظرتهم للحياة وتدابيرها.. فهي حاضرة أيضا في أعراسهم عامة.. سواء
كانت أعراس الازدياد أو الختان أو الزواج.. فبنو ميزاب من أكثر سكان
الجزائر تواضعا في أفراحهم فهم ينفقون على هذه المناسبات بحساب وعقل بعيداً
عن هاجس حب الظهور والبهرجة والتبذير الفاحش الذي نلمسه في بقية الأعراس
التي تشهدها مناطق كثيرة من القطر الجزائري بالأخص مناطق الغرب الجزائري
بوهران وتلمسان اللتين يمتاز أهلها بميلهم الكبير للزهو والمرح وهي المناطق
خاصة وهران التي كانت وما تزال مهد أغنية "الراي" التي تجتاح اليوم كبريات
العواصم الغربية والشرقية.
"التية" لا صالونات الحلاقة!
العروس في منطقة
وادي ميزاب لا تبهرها صالونات الحلاقة أو التزيين.. فهي في أجمل يوم في
حياتها تسلّم نفسها إلى بنات جنسها فهن لوحدهن يعرفن ما يليق للمرأة
الميزابية من تسريحة وحلّي وزينة.. فلا مكان للمساحيق التي تفلس جيوب كثير
من النساء العربيات اليوم، فقط قليل من الإثميد (الكحل) والسواك تعرف كيف
تطوّعها ببراعة وحسن "التية" وهي المرأة الميزابية التي تدعى لسائر أعراس
الزفاف في منطقة وادي ميزاب، متخصصة في تصفيف الشعر والتزيين التقليدي الذي
تتوارثه النسوة جيلاً عن آخر.. وتبقى "التية" ومثيلاتها لا تتعدى أصابع
اليد الواحدة في كامل منطقة وادي ميزاب.. سبعة أيام كاملة ترافق العروسة في
مأكلها ومشربها قبل زفها إلى زوجها وعادة ما تتقاضى "التية" مبلغاً مالياً
متواضعاً مقابل الخدمات التي تقدمها للعروسة تبعاً للمستوى المعيشي
والاجتماعي لكل عائلة.. ولا تتحول المرأة الميزابية في يوم زفافها إلى
عارضة للأزياء مثلما تفعل العروس العاصمية بالأخص أو الوهرانية أو
التلمسانية أو القسنطينية واللاتي عادة ما يثقلن كاهل ميزانية أوليائهن إذا
ما لم يكنّ عاملات لتوفر لأنفسهن أكثر من عشرة ألبسة ينسيك طراز الثانية
في الأولى وهكذا دواليك. وهي العادة التي لا تبهر أهل وادي ميزاب وبناتهم
اللاتي يكتفين في عرس زفافهن بارتداء بذلة واحدة عادة ما تكون من صنع
حرفيات المنطقة يراعي فيها أن تحمل خصوصيات الثقافة الميزابية ذات الأصول
البربرية، ويدعى اللباس الذي ترتديه العروس الميزابية لتستقبل به ضيوف
الأهل والأحباب ب "تيملحفت" الذي تعلوه الألوان المزركشة التي يطغى عليها
اللونان الأخضر والأصفر والأشكال الهندسية المتناهية في الصغر التي تنهل من
عمق التراث الميزابي الأصيل. وتراعي العروس الميزابية الاعتدال في وضع
الحلي التي يشترط أن تكون من الذهب يمنحا إياها العريس دون تحديد مسبق
لنوعية الطقم أو وزنه أو تعدد أجزائه وتسمى مجموعة الحلي الذهبية باللهجة
الميزابية (البربرية) ب "سرّمية" ولا يغفر للعروس الميزابية أن تغفل وضع
"الخلخال" في ساقيها الذي يشترط أن يكون من معدن الفضة الخالصة كرمز للصفاء
والنقاء.
وعادة ما يفتقر العرس الميزابي الى مظاهر الفرح الصاخبة من غناء ورقص.. ففي
بيت العروس حيث يقام حفل الزفاف.. عدد محدود جداً من النساء المدعوات
اللاتي هن في الأصل من الأقارب المقربين من العائلة.. ومعروف على المجتمع
الميزابي انغلاقه الكبير أمام الأجانب.
نظام "العزابة"..
ومثل العروس الميزابية لا يخرج العريس
ولا يمكنه الخروج عن تقاليد وعادات المجتمع الميزابي.. فو مثل بقية الشباب
الميزابي الراغب في الزواج مطالب بدفع "صداق" لعائلة الفتاة المراد الزواج
منها مقدّر مبلغه من طرف "نظام العزابة" ب 12000دج (حوالي 150دولارا
امريكيا).. ونظام العزابة في وادي ميزاب نظام ديني واجتماعي وتربوي تأسس
أوائل القرن الخامس الهجري على يد الشيخ أبي عبدالله محمد بن بكر.. ويعتبر
مجلس العزابة أعلى سلطة في منقة وادي ميزاب يسري مفعوله الى يومنا هذا، من
مهامه رعاية المصالح الاجتماعية للمجتمع. فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
ويسهر على حل المشاكل والخصومات بين الناس ويحارب الآفات الاجتماعية ويشرف
على الأسواق وحراسة البلدة إذا اقتضت الضرورة الأمنية ذلك. و"العزاب" رجل
اعتزل العوائق الدنيوية وعزب عن الملذات ولازم الطريق وطلب العلم وسيّر أهل
الخير وحافظ عليها وعمل بها.. أما شيخ العزابة فيشترط فيه أن يكون ذكيا
لبقا ورعا لطيفا مع أصحابه.. يبقى في منصبه مدى الحياة وهو الموجه الأول
لبلدته وإليه يرجع الأمر في الحل والعقد وتسيير النظام الديني والاجتماعي
والتربوي للمدينة. ولعل من بين أهم آثار نظام العزابة أنه بفضله تغيب مظاهر
الفقر والتسول والتشرد.. وبفضله أيضاً تخفّ حدة الطبقية في المجتمع
الميزابي وتتساوى الفئات الاجتماعية من حيث المظهر.. وبفضله أيضا لا يشكل
الزواج في المجتمع الميزابي "هماً مادياً كبيراً".. إذ يتكفل مجلس العزابة
بتخفيف العبء على الشاب الميزابي من حيث تحديد حجم المهر والصداق وتكاليف
العرس الذي لا يجوز أن تتعدى الحد المسموح به عرفا.
ومما يكفل الزواج أيضا في منطقة وادي ميزاب.. نظام العشيرة نفسه ومعناه
مجموعة الأسر التي تربط بينها قرابة الرحم ويلتقي نسبها في جد واحد.. لكن
رباط الأخوة الإسلامية والحب في الله يجعل من هذه العائلات أسرة واحدة
متحدة تربطها بغيرها من العشائر روابط التعارف والتكامل الاجتماعي والتعاون
لما فيه الصالح العام.. وللعشيرة في وادي ميزاب نظام محكم يكفل للمجتمع
العيش في أمن وسلام ورخاء بالأخص، فبفضل التكافل الاجتماعي الذي يفرضه نظام
العشيرة لا يشكل الزواج هناك عبئاً مادياً مستعصي التحقيق.. فالعرف العام
في وادي ميزاب يفرض تحديد وتوحيد أنماط السلوك الاجتماعي في الحياة اليومية
وفي المناسبات والتقاليد، فتختفي بسبب ذلك مثلاً ظاهرة المغالاة في مقدار
ونوعية "الصداق" وهو ما ييسر لأبسط الناس هناك بناء أسرة سعيدة بأقل
التكاليف التي يتم ضبطا من قبل نظام العشيرة الذي من صلاحياته أيضا ضمن ما
يسمى ب "التكافل الإلزامي الاجتماعي" التعاون على إقامة الأعراس لأبناء
العشيرة والاحتفال بهم. ولا تضيع المرأة الميزابية بعد زواجها في حال
تهاون الزوج في رعايتها، فنظام العشيرة يقدر للمتزوجة (من العشرة) نفقة لها
ولأولادها بالعدل والمعروف حتى لا تسقط في ذل العوز والحاجة ويتفادى العش
الزوجية الوصول إلى ما يبغضه المولى عز وجل من الحلال وهو الطلاق الذي تقول
عنه احصائيات الحالة المدنية أنه الأقل والأضعف نسبة في المجتمع الميزابي
بالنظر الى باقي مناطق القطر الجزائري.
ومثل العروس الميزابية.. لا يتكلف العروس الميزابي كثيراً في يوم زفافه،
فهو يسعى لأن يوفر للمدعوين المأكل والمشرب الطيب الذي لا بذخ فيه ولا
تبذير، والمتمثل في طبق "العادة" الذي يبقى سيد مائدة أعراس الزفاف في وادي
ميزاب.. ويتشكل طبق "العادة" في الكسكسي المدهون بالسمن المحلي الفاخر
يمزج بالعنب المجفف أي "الزبيب" ويزين بأبراج البيض المسلوق، ويرافق طبق
"العادة" طبق آخر يتشكل أساساً من شرائح عجينية بمقدار سبع شرائح يتوسط كل
شريحة وأخرى خليط من الفلفل الأخضر والأحمر والطماطم المشوية يخفق فوقها
صفار البيض حتى يتماسك الخليط وتقدم هذه الوجبة بقطع الليمون للتغلب على
الدسم الذي تتميز به وغير بعيد عن مجموعات المدعوين التي تلتف حول طبق
الكسكسي مشكلة دوائر صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها الثمانية.. تعلو ألحان
المجموعة الصوتية الميزابية التي تتشكل من شباب هواة نجحوا في السنوات
الأخيرة في إدخال بعض الآلات الموسيقية العصرية التي لم تعهدها الأعراس
الميزابية بقي الطبل والبندير الى عهد غير بعيد صانعاً ايقاعاتها الموسيقية
وأفراحها والحقيقة ان الغناء الميزابي.. عكس نظيره القبائلي الذي انتشر
انتشاراً كبيراً حتى خارج الجزائر، بل وصل فنانوه الى قاعات "الزينيت"
و"الأولومبيا" الباريسيتين (فرنسا) وإلى أمريكا.. لم يتخط الغناء الميزابي
عتبة جغرافية وادي ميزاب.. بل بقي حبيس اسوار المدينة الإباضية لسيادة
القيم والتعاليم ادينية التي لم تساعد على تبلور الطابع الغنائي الميزابي
الذي يبقى الى حد اليوم تبلور ذا طابع ديني وعظي لا مكان فيه للغزل أو
الهيام. وعادة ما تتميز أغاني الأعراس الميزابية بالتهاليل الروحية
والمدائح الدينية والدعوة الى العريس بالسعادة والهناء والعيش الكريم.
ولأن علاقة الرجل الميزابي كبيرة بتراثه وفكره الاباضيين:
-
لا يجوز له التعالي أو التطاول عليها إلا إذا اختار الخروج النهائي عن
المدينة الإباضية وتقاليد أهل وادي ميزابة فإن زواجه لا يصح إلا مع
الإباضية.. أي مع الميزابية التي عادة ما يتم اختيارها من عائلات العشيرة
الواحدة التي يلتقي نسبها في جد واحد.. ويجد هذا التقليد الإلزامي تفسيره
في تعاليم الفكر الإباضي الذي لا يرى الزواج يصح إلا فيما بين الإباضيين،
وتحاول بعض المؤلفات الإباضية تبرير هذا الحكم الإلزامي بقولها إن
الإباضيين يشترطون شروطاً ذات طابع اسلامي لتمسكهم بالمبادئ الشرعية،
وبالتالي يتعذر لغير الأباضي الإلتزام بها. والواقع أن ثمة حالات بينت أن
من الشباب الإباضي من تزوج بغير الإباضية لكنه اضطر الى اعتزال الأهل وهجر
المدينة خاصة أولئك الذين واصلوا دراساتهم الجامعية وارتبطوا فيها بفتيات
لا صلة لهن بالمجتمع الميزابي!
ومثلما تتواضع العروس الميزابية في لباسها.. يكتفي العريس بارتداء بذلة
الزفاف التي تتوارثها الأسر المزابية أباً عن جد.. ففي ليلة الدخول
بعروسه.. لا يبالي الشاب الميزابي بآخر صيحات و"ماركات" البذل العربية، فهو
يفتخر بأن يرتدي سروال "الدوّالة".. المعروف عند عرب الجزائر ب "سروال
لوبية" لشكله المتميز الذي لا تلمحه إلا عند الميزابيين منذ نعومة
أظافرهم.. ويتخذ السروال الميزابي شكلاً مدوّراً ما بين الفخذين ينتهي في
الاسفل بنفس شكل السروال العصري.. تعلوه "تكميشات" رفيعة على مستوى الخصر..
تزيد الرجل إذا كان ضعيف القامة "امتلاءً".. وفوق "الدوّالة" يضع العريس
الميزابي ما يسمى ب "أحولي" وهو نوع من "البرنوس" المصنوع من القطن الرفيع
يشترط أن يكون ناصع البياض كرمز للصفاء والنقاء ولا ينسى الميزابي وضع
"العقال" فوق رأسه فهو رمز رجولته وإباضيته.. وعادة ما يكون عقال الزفاف
مصنوعاً من خيط الحرير الذي تبدع الحرفية الميزابية في تشكيل اجمل الأصناف
التي تتهافت العائلات الميزابية لاقتنائها لأولادها المقبلين على الزواج.
ومهما يكن.. فالعريس الميزابي الذي حافظ أهل منطقة وادي ميزاب على كل
خصوصياته التي توارثتها العائلات الميزابية بأمانة منذ ما قبل القرن الخامس
الهجري.. في زمن تخلت فيه الكثير من المناطق الجزائرية الغنية بتقاليدها
عن موروثها الثقافي والفني، حيث اختلط فيها الحابل بالنابل.. فالعرس
الميزابي لا تعنيه المقولة الشعبية الشهيرة في الجزائر والتي مفادها أن
"عرس ليلة تدبيره عام"، فهو كما رأينا متواضع في ترتيباته وفي مظاهر الفرح
وفي تكاليفه التي يضبطها مجلس العزابة.. ولعل مسألة انعزال أهل وادي ميزاب
عن بقية خلق الله.. وتفضيلهم العيش في المناطق البعيدة النائية هي من
المسائل الأساسية في إبقاء تقاليد وعادات أهل ميزاب على وجهها الأصيل لم
يطلها التحريف أو البدع أو المسخ.
الكاتبة: فتيحة أحمد ، منشور في جريدة الرياض اليومية.
يوم 09 جانفي 2004م.