تاريخ بني مزاب

أ . البربر : هم أبناء بربر بن تَمَلاَّ بم مازيغ، يسمون أنفسهم أمازيغ نسبة إلى جدهم مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح ، و معناها الرجال الأحرار .
و قد هاجر البربر من الشام إلى المغرب عبر مصرن فاستوطنوه منذ العصر الحجري، فعمروه من غرب النيل على المحيط الأطلسي .
ب . من هم بنو مزاب ؟ : هم أبناء مصعب بن محمد بن بادين، و هم من الطبقة الثانية من قبيلة زناتة البربرية .
و لقد هاجر بنو مزاب إلى بلاد الشبكة ( وادي ميزاب حاليا ) في القرن الثاني للهجرة، و كان ذلك لسباب سياسية على حسب رأي كل من الشيخ أبي إسحاق أطفيش و المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون .
و سبب تحريف كلمة مصعب إلى مزاب؛ فلكون البربر لا يستطيعون النطق بالعين محققة، فقالوا : مصعب و مُصاب و مْزاب و ميزاب، و ذلك راجع إلى اقتراب مخرجي كل من الصاد و الزاي، و مما يؤيد هذا القول إبدال بني مزاب للصاد زايا مفخمة في بعض الكلمات العربية مثل : الصلاة و الصوم فأصبحتا على التوالي : تْزَالِّيتْ و أَزُومي .
ج . ديانة بني مزاب : يقول الشيخ محمد علي دبوز : " كان للبربر دين وثني جاؤوا به من الشـرق، كما كانوا يعتقدون بوجود إله واحد يُدبِّرُ شؤون هذا الكـون و كانوا يسمونه : آمُونْ " .
و لكن و بعد انتهاء الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا عام 84 هـ / 703 م ، اعتنقوا الإسلام و ساهموا في نشره، و لما ظهرت المذاهب الفقهية سبق إليهم أصول المذهب المعتزلي فأخذوا بها، فكانوا يُسمون بذلك واصلية نسبة إلى واصل بن عطاء .
كما اشتهر من علمائهم أيضا سليمان بن عبد الجبار؛ الذي دُفن بالعطف و كان معتزلي المذهب أيضا .
د . الحياة الاقتصادية لبني مزاب : كان يعيش أغلبهم على تربية المواشي، فيتنقلون بها بحثا عن الكلأ و الماء؛ فكانت بذلك حياتهم في منتهى البساطة شأنهم في ذلك شأن قبائل البدو الأخرى .
هـ . قرى بني مزاب الأولى : و كان من أشهرها :
ـ أَغَرْمْ نَتْلَزْضِيتْ : و هي الآن خربة، تقع على بعد ستة كيلومترات جنوب شرق العطف، أُسست عام 95 للهجرة .
ـ أَوْلَوَالْ : و لم يبق منها الآن سوى حصنها، و هي أقرب من العطف من أَغَرْمْ نَتْلَزْضِيتْ .
ـ أُخِيرَهْ : تقع شرق العطف، لا يفصل بينهما سوى مجرى وادي ميزاب .
ـ تْمَزَّارْتْ :تقع قرب بنورة في على الجنوب الشرقي لها .
ـ تِرِشِينْ : انقرضت و لم يبق منها إلا آثار مسجد و محضرة قرآنية بها .
و . النظام الاجتماعي عند بني مزاب : كانت كل قبيلة تدير شؤونها بنفسها، كما كان لكل قرية مجلس تنـتخبه بواسطة أعيانها .

و قد تميز هذا العهد بعدة أحداث أهمها :
1 . تأسيس قرى جديدة في وادي ميزاب : و منها :
ـ أَغَرْمْ نْوَادَّايْ : و قد أُسست عام 395 هـ / 1004 م بين مليكة حاليا و وادي مزاب، و قد خربت و لم يبق منها سوى مسجدها .
ـ تَاجْنِينْتْ ( العطف ) : هي أقدم مدن مزاب الحالية تأسيسا، أنشأها خليفة بن أبغُور عام 402 هـ / 1012 م، و معنى كلمة تَاجْنِينْتْ المكان المنخفض .
ـ بُوكْيَاوْ : أسسها المعتزلة، و لا تزال أطلالها تُزار إلى اليوم .
ـ آَتْ بُنُورْ ( بنورة ) : بُونُورْ اسم قبيلة بربرية أسست عام 457 هـ / 1065 م، و هي تقع على جبل منقطع و منفصل عن باقي هضبة الوادي .
ـ تَغَرْدَايْتْ ( غرداية ) : و تعني الأرض المُستصلَحة، تقع على ضفة مجرى الوادي، اُسست عام 477 هـ / 1085 م على جبل منفصل عن باقي هضبة الوادي .
ـ آَتْ يَزْجَنْ ( بني يزقن ) : أُسست عام 720 هـ / 1321 م، و اسم اِزْقَنْ هو اسم لقبيلة بربرية .
ـ أَتَمْلِيشَتْ ( مليكة ) : و مَلِيكَشْ قبيلة أمازيغية منتشرة شرقي الجزائر، و هي آخر المدن الخمس التي أُسست في العهد الثاني، و قد كان ذلك عام 756 هـ / 1355 م قريبا من أَغَرْمْ نْوَادَّايْ .
ـ بَابَا السَّعْدْ : أُقيمت غرب غرداية في أعلى الجبل، و كان ذلك عام 790 هـ / 1388 م .
2 . تحول بني مزاب من الاعتزال إلى المذهب الإباضي : لما انعقد مؤتمر أريغ عام 420 للهجرة للنظر في مسألة اللاجئين من فلول بني رستم؛ انتهى المؤتمر بتكليف و انتداب العلامة أبي عبد الله محمد بن بكر ليجول في صحراء جنوب المغرب الأوسط ( الجزائر ) علَّه يجد مكانا لأولئك اللاجئين و غيرهم من إباضية أريغ، فخرج العلامة رفقة ابنه فساحوا و جالوا الصحراء إلى أن وقع اختيارهم على وادي مزاب، إلا أنه كان معمورا بكثير من المعتزلة .
و انعقد المؤتمر ثانية و توصَّل قراره إلى النزوح إلى وادي مزاب و تعميره و ذلك بالألفة و حسن الجوار جنبا إلى جنب مع سكانه من المعتزلة .
و قد تم لهم ذلك فعلا عام 422 للهجرة؛ لما وصلوا بلدة العطف و استوطنوها، و كان ذلك بعد وفاة العالم المعتزلي سليمان بن عبد الجبار .
و لم تكن استجابة بني مزاب للشيخ أبي عبد الله محمد بن بكر لاعتناق المذهب الإباضي بالأمر السهل، كما أنها لم تكن استجابة جماعية؛ فقد ظل عدد كبير منهم على اعتزاله زمنا طويلا .
و بعد استجابة معظم المزابيين إلى مذهب أهل الدعوة و الاستقامة؛ بدأت هجرة الرستميين إلى ميزاب .
3 . تطور و توسع النشاط الاقتصادي : فإنه من أبرز سمات هذا العهد أن بني مزاب صاروا يُفكرون جديا في تغيير حياتهم من النسق البدوي المتقلب إلى النسق الحضاري المستقر؛ فأنشئوا مدنا و قرى عديدة، كما حفروا آبارا لإقامة زراعة معتمدة على السقي الدائم، فظهرت بذلك واحات النخيل و ازدهرت، فاستحال بذلك الوادي جنة خضراء بعد أن كان صحراء مقفرة .
4 . إنشاء حلقة العزَّابة : فقد كان من بين أهم الهيئات الميزابية الإباضية التي تأسست في العهد الثاني : حلقة العزابة، و التي يسمى أعضاؤها حاليا : إِعَزَّابَنْ .
و كان ذلك عام 409 للهجرة على يد العالم الجليل : أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي .
و قد كانت الحلقة بعيدة عن السلطة و السياسة؛ بل إن هدفها الوحيد كان نشر الاسلام و الدعوة إلى المذهب الإباضي، و الحفاظ على أصوله في مرحلة الكتمان التي دخل فيها بعد سقوط الإمامة في تيهرت، و سيأتي تفصيل أكثر لها في جناح : الهيئات العرفية .

يمكن تلخيص أهم ما وقع في هذا العهد على شكل رؤوس أقلام كالآتي :
ـ تطوير بني مزاب لفلاحتهم، كما أنهم لجئوا أيضا إلى امتهان الصناعة و التجارة كخطوة في سبيل إنعاش عجلة الاقتصاد في الوادي .
ـ ظهور و استقرار نظام العشائر الذي ساهم كثيرا في تنظيم شؤون الحياة السياسية و الاجتماعية لسكان الوادي .
ـ ظهور هيئات مختصة تكفُل تنظيم حياة المزابيين في مدن التل، فاتخذوا ديارا للعرش و مساجد للصلاة، إضافة إلى مقابر لدفن الموتى .
ـ توسع مساحة رقعة الوادي نظرا لكثرة سكانه، فاضطر المزابيون لإنشاء مدينتين جديدتين هما على التوالي :
1 . تِيقْرَارْ ( القرارة ) : و هي بلدة تقع على بعد تسعين كيلومترا شمال شرق غرداية، أُسست عام 1040 هـ / 1631 م .
2 . آَتْ إِبَرْقَانْ ( بريان ) : أُسست عام 1060 هـ / 1690 م، و هي بلدة تقع على ملتقى واد السودان و واد بالوح، و هي تبعد بنحو أربعين كيلومترا شمال غرداية .
و تمتاز بريان عن سائر قرى مزاب بنسيجها و فلاحتها و التي امتازت عن غيرها بفضل موقعها الطبيعي الخصب، حيث أن واحة بريان تسقى من أربعة أودية هي : بالوح و السودان و الزرقي و المداغ .
ـ مشاركة بني مزاب في مقاومة احتلال الأوروبيين لشمال إفريقيا؛ إذ أن المعلوم عن بني مزاب أنهم يؤمنون بوحدة المسلمين و يسعون لها بكل ما أوتوا من قوة، فساهموا بذلك مرارا في صد الغزاة عبر الجهاد المقدس رغم قلة عددهم، و من بين تلك المشاركات نذكر أهمها :
1 . بنو مزاب في جربة ( 916 هـ / 1510 م ) : حيث ساهموا في رد غارة الإسبان على جزيرة جربة بالجنوب الشرقي لتونس، و التي تحطمت فيها الحملة العتيدة للقائد : دون قارصيا دو طليطلة .
2 . بنو مزاب في مدينة الجزائر ( 925 هـ / 1518 م ) : لما أحس خير الدين باربروس بخطر إحاطة العدو الاسباني بمدينة الجزائر؛ اجتمع مع المجاهدين المزابيين يستشيرهم فأشاروا عليه القيام بعملية فدائية، شرط أن يتولَّوا التنفيذ بأنفسهم، فلجئوا بذلك إلى مكيدة حمل السلاح داخل النعش و السير به وسط العدو على أنها جنازة، فتم بذلك النصر لهم حيث فرَّ القائد الإسباني دون هوغو مع من بقي من رجاله و سفنه، و دفن الشهداء المزابيون في حي حسين داي حاليا .

و يمتد هذا العهد من تاريخ بني مزاب منذ دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر إلى غاية استقلالها عام 1962 م، أي حوالي 132 سنة يمكن تقسيمها إلى أربعة مراحل كالآتي :
ـ فترة بداية الاحتلال : و الممتدة ما بين 1830 م إلى 1871 م .
ـ فترة المقاومة المسلحة الأولى : و الممتدة ما بين 1871 م إلى 1919 م .
ـ فترة المقاومة السياسية : و الممتدة ما بين 1919 م إلى 1953 م .
ـ فترة المقاومة المسلحة الثانية : و الممتدة ما بين 1954 م إلى 1962 م .

و يمتد من الاستقلال إلى عصرنا الحالي، و فيه شهد وادي مزاب تطورا نتيجة للتطور الحضاري للجزائر، كما شهد تأسيس عدة جمعيات ثقافية و فنية، و وفاة العديد من مشائخ مزاب المخلصين أمثال الشيخ بيوض و الشيخ عدون و الشيخ عبد الرحمن بكلي و الشيخ محمد علي دبوز و الشيخ بكير و غيرهم كثيرون .
رحمهم الله تعالى و جعلنا على دربهم سائرون .

شكرا لك اخي على تفسير وتحليل تاريخنا العظيم ينقصنا الكثير من التعرف على مثل هذا

واااااااو موضوع مميز اخي مشكوووووووووور

يعني جبتلنا التفاصيل من الجدور

والله عفارم عليك طلعت قد المسؤولية :كيما اقولنا اخوانا السوارى ههههه

لا شكر على واجب
بلا مزية نتمنى ستفدتوا مليح